معاذ الخطيب: تيار سياسي معارض مستعد للتفاوض مع النظام سيعلن عنه قريباً
أعلن معاذ الخطيب الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض، عن تبلور تيار سياسي جديد في المعارضة سيعلن عنه في وقت قريب وهو مستعد للجلوس مع النظام لإيجاد حل للأزمة في سوريا المندلعة منذ نحو 4 أعوام، مشيراً إلى تحضيرات لعقد مؤتمر للحوار بين المعارضة والنظام تحت اسم "جنيف 3" بعد مرور نحو عام على جولتين فاشلتين من المؤتمر.
وكتب الخطيب على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مقالاً مطولاً بعنوان "هل ستشرق الشمس من موسكو" يبرر ويفسر فيه زيارته مع وفد معارض لروسيا مؤخراً الداعم الرئيس لنظام بشار الأسد، أن التيار الجديد "موجود ولكنه بلا اسم لأن ما يهمنا هو النتائج، وقد يكون هناك ضرورة خلال وقت قريب إلى وجود اسم معلن ووقتها سيحصل ذلك". وشدد الخطيب قائلاً: إننا "لا نبحث عن مواقع سياسية، ونرفض الأدوار التجميلية، وليس الحل بمشاركة صورية في حكومة انتقالية وهمية كما تُشيع بعض الجهات الإعلامية كل فترة، بل بحل توافقي حقيقي، ترافقه عدالة انتقالية"، مشيراً إلى أنه "لا يمانع اللقاء مع أي مسؤول من النظام". وأضاف: إن التيار الجديد "لن يكون مطية لأية دولة، وفي نفس الوقت سنتواصل مع الجميع، ونعتقد أن التفاوض السياسي هو الأنجح والأقل خسائر، ونمد الأيدي إلى كل أبناء سوريا الذين يبحثون عن العدل والحرية، ونعتقد أن الكثيرين منهم ما زالوا لا يستطيعون أن يتخذوا الموقف المناسب، ولكن ستتغير المعطيات، ويسد كل منا ثغرة في جسم تتناوشه الرماح"، حسب تعبيره. وحول القوى التي تدعم التيار الجديد قال إن هنالك قوتان تدعمان هذا التيار "الأولى ناعمة وهي الرأي العام السوري بكل ألوانه، من الموالي للثورة إلى الموالي للنظام، ومن الإسلامي إلى العلماني، وكل ألوان الشعب السوري الدينية والثقافية والقومية كونها تستشعر الخطر المحدق بالبلاد، أما القوة الثانية فهي الخشنة وتتمثل بحاجة كل الأطراف -بلا استثناء بما فيهم إيران- التي لها علاقة بما يجري في سوريا إلى مخرج". وحول مبررات زيارته الأخيرة إلى موسكو قال "أعترف أني ارتكبت خطأ سياسياً فيما مضى، بظني أن هناك دولة ما ستنقذ بلدنا، ليس لأننا محرومون من الأصدقاء، بل لأن الأنظمة الكبرى في السياسات الدولية لديها فقط مصالح وخطوط حمراء، وهذا ما يهمها". وأضاف أن "الأنظمة الصغيرة تتحرك ضمن هوامش قد تضيق أو تتسع ولكنها لا تستطيع تجاوز مسارات الدول الكبرى، وقبل ذلك وبعده فإن مهمة إنقاذ الأوطان تقع على عاتق أبناء البلد أنفسهم". وعن تمسكه بصحة موقفه بزيارة موسكو على الرغم من بعض الأصوات المعارضة لها، أشار إلى أنه "لا يدعي الصواب المحض فيها، ولكن من المدهش أن العديدين يحملون تصورات تخالف الواقع تماماً، ومنها على سبيل المثال ما يشاع عن توافق دولي على تقسيم سوريا". وأوضح الخطيب أن المبعوث الروسي للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف ثم المبعوث الأمريكي الخاص إلى سورية دانيال روبشتاين أخبراه أن بلديهما لا يسعيان إلى تقسيم سوريا، بل ترفض حكومتاهما ذلك. وحول سعي النظام للتقسيم كما يتهمه البعض، علّق الخطيب بالقول "للأمانة فإن النظام ما زال يقاتل في كل الأراضي التي بقي فيها وكان يسعه الانسحاب ليتموضع بشكل شرس في أراضٍ يختارها لحصته من التقسيم، وفوق ذلك مازال يقدم الرواتب إلى الموظفين من الحسكة (شمال شرق) وحتى إدلب (شمال غرب)، ويمد بالكهرباء وشبكات الاتصالات". واستدرك بالقول "من يريد التقسيم لا يفعل ذلك، وقد يكون التقسيم آخر سهم تطلقه الأسرة الحاكمة إذا استعصت الأمور عليها، ولكن ذلك لا تبدو مؤشراته واضحة حتى الآن". ورأى الخطيب أن هنالك قوى خفية تسعى للحديث عن التقسيم واستمرار الصراع في سوريا، تنقسم إلى قسمين حسب تقديره "الأولى قوة فاعلة شرسة هي عبارة عن عصابات ومافيات تجارية عالمية متموضعة في مراكز القرار الدولية وتجار حروب وأزمات، وقوة ناعمة أو ساذجة تُفعَّل بسهولة لتساعد في الواقعة عن حسن نية، عن طريق تناقل الشائعات وصنع رأي عام يستفيد منه الأعداء". ووصف رئيس الائتلاف السابق، المعارضة بأن بعضُها "محنّط ولم تجتمع لقصف شعبنا بالسلاح الكيميائي من قبل النظام، ولكنها اجتمعت مرتين في نفس اليوم لمحاسبة من ذهبوا إلى موسكو مؤخراً"، في إشارة إلى الرفض الواسع لتلك الزيارة من قبل المعارضة وخاصة الائتلاف الوطني. وحول الدافع لزيارة موسكو أوضح الخطيب "دعيتُ مرات لزيارة موسكو واعتذرت، ولكن قررنا مع مجموعة من الأخوة كسر الجمود وتلبية الدعوة"، لافتاً إلى أنه "مخطئ من ظن أنها نزوة فردية، فلنا أشهر نتشاور حولها، ونفكر في أبعادها ومآلاتها ومحاذيرها وفوائدها وأضرارها، وقد أخبرْنا بها قبلاً بعض الفصائل العسكرية من الثوار، وبعد ذلك كله قررنا أن نذهب". وحول عضوية الوفد الذي رافقه أوضح الخطيب "اخترنا وفداً نوعياً فيه أكبر ضابطين في صفوف الثورة، وهما لواءان أحدهما رئيس هيئة الإمداد والتموين، والآخر رئيس الأكاديمة العسكرية الوطنية، ومعنا سفير للمعارضة، ودبلوماسي سابق مختص بالقانون الدولي"، لم يوضح أسماءهم. وشرح تفاصيل الزيارة ولقاءات الوفد فيها مع المسؤولين الروس مشيراً إلى أن الاجتماعين الذين عقدا الأول برئاسة بوغدانوف والثاني برئاسة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كانا ناجحين إلى درجة كبيرة، ولم يكن معنا أحد من غير السوريين أو من النظام". وعن فحوى المحادثات، قال "كنا واضحين تماماً معهم من أننا نُصر على استقلال القرار السياسي السوري، واستقلال سوريا ورفض تقسيمها، ووحدة الأراضي والشعب السوري، ورفض التدخلات الإقليمية والدولية، ونحن ضد الانجرار إلى أي حرب طائفية، والحرص على ترابط النسيج الاجتماعي السوري". وأضاف بالقول "ذكرنا للافروف أن الحرية ليست هي من يصنع الإرهاب، بل الظلم هو من يُولِّدُه، وأنَّ المسار السياسي لحل الأزمة يجب أن يسير بالتوازي مع موضوع مقاومة الإرهاب الذي تُدندن به الدول، ونحن نرفُضه من الأطراف كافة". ومضى "قلنا للوزير الروسي صراحة وبكل موضوعية قد يكون قسمٌ من الشعب السوري مع بشار الأسد، وقسم ضده ولكنه المسؤول الأول عما جرى، وبالتالي فإنه لا يمكن بأية طريقة قبول أن يكون جزءاً من مستقبل سوريا السياسي". وحول رد الجانب الروسي، قال بأن الروس لم يعترضوا على كل ما قلناه، وأخبرونا أنهم يفكرون في عقد مؤتمر يضم بعض الشخصيات من المعارضة السورية، ويهمهم أن يكون هناك توافق على خطوط أساسية، مشيراً إلى أن وفد المعارضة طلب بدوره من الروس أن يسعَوا بالتفاهم مع الأميركان ويتوافقوا على صيغة، وليسموها جنيف 3 إن شاؤوا، يكون هدفه فتح نوافذ حل سياسي تفاوضي. وبحسب الخطيب "وعد لافروف بطرح الأمر مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي كان سيلتقي به يومها ساعاتٍ في الصين(لم يحدد المناسبة)، ولم يصلنا بشكل رسمي ما اتفقا عليه بخصوص هذا المؤتمر". ورد الخطيب على من يقول إن الروس قد انتهت قوتهم وليس لديهم أية فعالية حالياً، بالقول "هذا الظن غير صحيح، فبعدما خرجت روسيا من حوض المتوسط وليبيا والعراق، فإنها أكثر تمسكاً ببقائها في سورية وستكون شرسة جداً في الخروج منها، وهذا ما تفهمه القوى الدولية، ولا تريد الآن إثارة نزاعات قاتلة، وإن حصل، فالشعب السوري وحدَه هو من سيدفع ثمن صراعات دولية متجددة في سورية". وحول إيمانه بمبدأ الحل السياسي للحل قال إن "التفاوض السياسي أمر طرحناهُ منذ سنتين وحوربْنا من أطراف عديدة لم تعِ الموضوع وقتها، واليوم صارت مأساة السوريين فوق التصور والاحتمال بعد نحو أربع سنوات من الصراع". واستدرك بالقول "سبَق أن دعوت حتى بشار الأسد عندما تقلدت منصب رئيس المعارضة السورية إلى مناظرة تلفزيونية علنية عبر الفضائيات، لنجد حلاً لمأساة سورية فتم التعالي على ذلك. ودعَونا مسؤولين آخرين على وسائل الإعلام ولا أعلم مما يخافون". واعتبر الخطيب أن "النظام اليوم ليس نظام الأمس، وربما يستطيع أن يتابع قليلاً ولكنه خاسر في النهاية" (بحسب تعبيره)، لافتاً إلى أن التفاوض هو خير الطرق" لحل الأزمة. مؤكدًا أنه ليس لديه أي شرط سياسي، أو مطلب خاص، "بل سأكرر ما ذكرته منذ سنتين، من أجل إيجاد أرضية تلم كل أبناء سورية، وتمهد للحل السياسي، ورفعًا للعناء عن شعبنا وأهلنا".