رويترز تتوقع انخفاض انتاج سوريا من القمح إلى نحو الثلث
توقعت وكالة "رويترز" نقلاً عن خبراء زراعيين وتجار ومزارعين سوريين انخفاض محصول سوريا من القمح إلى نحجو الثلث من المعدل السنوي أي من 3.5 مليون طن إلى ما بين مليون طن و1.7 مليون طن في أفضل التقديرات.
وقالت رويترز في تقريها: اجتمعت عوامل الحرب والجفاف على محصول القمح السوري ما دعا بعض الخبراء إلى توقع انخفاضه إلى نحو ثلث المستوى الذي كان عليه قبل الحرب بل وربما يتراجع دون مليون طن للمرة الأولى منذ 40 عاما. وقدم خبراء زراعيون وتجار ومزارعون سوريون تحدثت معهم رويترز تقديرات مختلفة للمحصول تراوحت بين مليون طن و1.7 مليون طن في أفضل التقديرات ويمثل هذا النطاق تقديرًا أشد تشاؤمًا من التقدير الذي طرحته الأمم المتحدة هذا الشهر. قبل الحرب كانت سوريا تنتج نحو 3.5 مليون طن من القمح في المتوسط بما يكفي لتلبية الطلب المحلي ويسمح بتصدير كميات للخارج بفضل عوامل منها استخدام مياه نهر الفرات في ري المزروعات في الصحراء الشاسعة في شرق البلاد. وكانت آخر مرة لم يتجاوز فيها المحصول مليون طن كان عام 1973 وذلك رغم أن موجات جفاف دفعت المحصول للاقتراب من هذا المستوى في عامي 1989 و2008. وقال مصدر بتجارة السلع الأساسية في منطقة الشرق الأوسط على دراية بأسواق الحبوب السورية "هذا العام أقصى ما ستحققه سوريا من حيث إنتاج القمح المحلي لن يتجاوز مليون طن". وأضاف: "أحد العوامل الرئيسية التي تحد من الإنتاج هو تزايد صعوبة الإنتاج في ضوء نطاق الحرب. هناك خوف حقيقي على الأرض في مناطق الإنتاج التقليدية والمخاطر كبيرة". وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قدر أن يتراوح المحصول بين 1.7 مليون و مليوني طن هذا العام وقال إن مستوى الأمطار المطلوبة للمحاصيل في شمال غرب سوريا كان أقل من المتوسط منذ شهر سبتمبر أيلول الماضي. وقال هلال محمد الخبير الزراعي بالأمم المتحدة في عمان "هناك عوامل كثيرة بدءا من بداية الحرث لتخصيب التربة للحصاد والنقل والتسويق والعملية كلها دبت فيها الفوضى وكل شيء بلغ حده الأدنى". وقبل الحرب كانت الحكومة تشتري في العادة 2.5 مليون طن من محصول القمح كل عام لتوزيعه على المخابز لإنتاج الخبز المدعم ولتعزيز الاحتياطيات الاستراتيجية. وتراجعت المشتريات الحكومية من القمح المحلي ومن المتوقع أن تنخفض أكثر من ذلك بسبب تأثر قدرة الدولة على تأمين الامدادات وسط الحرب الأهلية والجفاف. وبلغ عدد السوريين الذين لجأوا إلى دول أخرى أو نزحوا عن ديارهم داخل البلاد نحو ثلث عدد السكان وأصبحت مساحات كبيرة من الأراضي السورية تحت سيطرة المقاتلين الذين يسعون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد وانهار فيها نظام توزيع الغذاء الحكومي. وقالت وزارة الزراعة لوسائل الإعلام الرسمية هذا الشهر إنه تمت زراعة 1.2 مليون هكتار بالقمح لكنها لم تذكر تقديرًا لحجم المحصول المتوقع أو مشتريات الحكومة منه. وقبل الحرب كانت سوريا تزرع 1.7 مليون هكتار بالقمح وفقًا لبيانات وزارة الزراعة الأمريكية. ويتشكك خبراء في قدرة الحكومة السورية على التنبؤ بدقة بالمحاصيل استنادًا إلى صعوبة الوصول إلى معظم مناطق زراعة المحصول. وقال خبير زراعي على دراية وثيقة بسوريا طلب عدم الكشف عن هويته "من الصعب على المسؤولين الزراعيين في بلد فقدت فيه أجهزة الدولة سيطرتها الإدارية فعليًا على مناطق كبيرة من الأراضي في منطقة الجزيرة وهي المنطقة الرئيسية لزراعة الحبوب أن يقيموا المحصول المزروع في هذه المناطق ناهيك عن تقدير الإنتاج". وامتنع المسؤولون بوزارة الزراعة الذين اتصلت بهم رويترز عن التعقيب. وقال يوسف أبو أحمد في قرية أطمة السورية قرب الحدود التركية لرويترز هاتفيًا إن طول أعواد القمح يبلغ نحو 20 سنتيمترًا بالمقارنة مع نحو 80 سنتيمترًا في السنوات العادية. ولجأ بعض المزارعين إلى استخدام المياه الجوفية للتعويض عن ضعف الأمطار لكن ارتفاع سعر وقود الديزل حد من هذا الخيار لمزارعين آخرين في حزام إدلب حلب حمص الزراعي الغربي حيث يزرع القمح في الغالب على مياه المطر. وقال المزارع ابراهيم الشيخ (36 عاما) في سهول الحلزون في المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في شمال غرب سوريا "قش قمحنا سينتهي به الحال للاستخدام في الرعي بسبب ضعف المطر هذا الموسم". وتحت وطأة تأثر محصول القمح الذي يزرع على مياه المطر بالجفاف في غرب البلاد يكمن الأمل بالنسبة لسوريا في الأراضي التي يزرع فيها المحصول على مياه الري الدائم في الشرق والتي كانت تمثل قبل الأزمة ما بين 60 و70 في المئة من إجمالي إنتاج القمح. وتقول وزارة الزراعة إنها خصصت 80 مليار ليرة سورية (539.88 مليون دولار) لشراء القمح والشعير من المزارعين هذا الموسم. وحتى مع تخصيص الأموال اللازمة لشراء المحصول فلا تستطيع الحكومة أن تضمن استلام المحصول. وقال محمد خبير الأمم المتحدة "حتى إذا كان هناك إنتاج فالتسويق تعطل بشكل حاد". وأشار إلى تزايد صعوبة حصول المزارعين على البذور والمخصبات وتدهور نظام شراء الحبوب الرسمي وقال إن مراكز جمع المحصول توقفت تقريبًا عن العمل. وفي مناطق كثيرة من شرق البلاد المعروف باسم الجزيرة والذي يمثل سلة الغذاء الرئيسية للبلاد وتشمل محافظات الحسكة ودير الزور والرقة لم تعد السيطرة للحكومة. وتنتج المناطق المحيطة بمدينة الرقة الخاضعة لسيطرة المقاتلين وحدها نحو ربع المحصول الإجمالي للبلاد. وقال أحد سكان المنطقة من عائلة مزارعة إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي يحكم الرقة ومحيطها الزراعي أبلغ المزارعين أنهم "أحرار في التصرف في محصول القمح كما يشاؤون حتى ولو بالبيع لتجار أتراك". وقال خبير زراعي آخر مشترطًا عن الكشف عن هويته "إن مسؤولي الحكومة يمكنهم الوصول لمناطق في الحسكة وحماة وبعض مناطق الشمال الشرقي قرب مدينة القامشلي الكردية. لكن الوضع في البلاد بصفة عامة يكتنفه الغموض".