أشار دميتري نيرسيسوف في موقع "برافدا.رو" إلى نجاح زيارة العاهل السعودي التاريخية إلى موسكو، حيث وُقعت عقود كثيرة مختلفة، لكنه سأل عن آفاق تنفيذها؟
كتب نيرسيسوف:
إنه ليس سؤالا عابرا، ولا سيما أن أول محاولة لإقامة تعاون روسي– سعودي جرت قبل عشر سنوات، عندما زار الرئيس فلاديمير بوتين الرياض، واستقبله الملك السعودي الراحل عبد الله، الذي منح الزعيم الروسي أعلى وسام في المملكة – وسام الملك عبد العزيز.
آنذاك، تم أيضا توقيع العديد من الاتفاقات الشبيهة جدا باتفاقات اليوم. ولكن العمل في جميعها لم يتجاوز حد التوقيع.
لذلك، هل من الممكن الاعتقاد أن المحاولة الثانية، التي تبذل اليوم لتعزيز أواصر الصداقة بين موسكو والرياض، ستكون أكثر نجاحا؟
قبل ذلك من الضروري تحديد معايير هذا النجاح. وما الذي نحتاج إليه؟
إن أهداف موسكو الأكثر واقعية، هي على الأرجح الأكثر تواضعا. وتتمثل في النهاية بالحصول على مكان، على موقع، "موقع أمامي"، إذا صح التعبير في منطقة الخليج في المجالات العسكرية–السياسية والاقتصادية.
لقد سعت روسيا إلى منطقة الخليج منذ زمن بعيد. حتى في القرن التاسع عشر كانت الحكومة الإمبراطورية هناك. ولقد تمكنت من تحقيق ذلك جزئيا عبر إيران. لكن الروس لم يتمكنوا من تثبيت أقدامهم على الضفة العربية من الخليج.
وبعد ثورة أكتوبر 1917، حاول البلاشفة مرة أخرى اختراق الخليج: وكان الاتحاد السوفياتي أول دولة في العالم تعترف بالمملكة السعودية التي أنشئت حديثا، وأقيمت علاقات دبلوماسية بين البلدين، وزار موسكو أحد أبناء مؤسس المملكة آنذاك الأمير فيصل في عام 1932 وملك البلاد في فترة لاحقة. ولكن العلاقات بين البلدين توقفت بعد وقت قليل من ذلك.
وكان من الضروري انتظار تفكك الاتحاد السوفياتي حتى يعود الدفء إلى العلاقات بين البلدين. وزار الرئيس الروسي لأول مرة المملكة العربية السعودية، ولكن هذا أيضا، لم يُحدث اختراقا في العلاقات.
ومضى على ذلك عشر سنوات أخرى، حين قام عاهل سعودي "لأول مرة" بزيارة إلى روسيا. وكان الملك سلمان بن عبد العزيز.
والآن، ما الذي يجب القيام به حتى لا تلقى المحاولة الحالية مصير سابقاتها؟
من أجل نجاح هذه المحاولة، توجد أسباب وجيهة، وأهمها – هو الموقع الذي تمكنت روسيا من إتخاذه بالمعنى الحرفي للكلمة في سوريا. لقد أثبتت أعمالنا في سوريا شيئا مهما ومبدئيا ألا وهو: أن روسيا لاعب جدي ومسؤول ولا يطلق الكلام على عواهنه.
ومما له القدر نفسه من الأهمية، هو قدرة روسيا على إقامة اتصالات وإجراء حوار مع أكبر عدد من الأطراف المتنازعة.
وأخيرا، أظهرت سوريا أفضلية السلاح الروسي.
وكما نرى اليوم، لقد كان ذلك شرطا ضروريا لبدء الحوار بين موسكو ودول الخليج العربية بما فيها المملكة العربية السعودية نفسها. لقد فرضت سوريا على هذه الدول الاهتمام بروسيا، وفتحت لنا الباب المؤدي إلى الضفة العربية من الخليج. وينبغي لروسيا أن تتعامل مع ذلك كخطوة أولى، وإن اللعبة الحقيقية قد بدأت للتو.