نشرت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" مقالا بقلم إسرائيل شامير عن التحقيقات، التي أجراها سيمور هيرش، بشأن الأحداث التي أدت إلى إطلاق 59 صاروخا أمريكيا مجنحا ضد سوريا.
كتب شامير:
نشر الصحافي الأمريكي الشهير سيمور هيرش نتائج التحقيقات، التي أجراها بشأن ما جرى في سوريا أيام 06 - 04 أبريل /نيسان الماضي، والتي كانت سببا في مهاجمة قاعدة الشعيرات بالصواريخ المجنحة.
فقد ادعى الغرب أن الطيران السوري المدعوم بالقوة الجو- فضائية الروسية استخدم في تلك الأيام غاز السارين في بلدة خان شيخون، التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة. ما اضطر الرئيس الأمريكي إلى إصدار الأمر بمهاجمة هذه القاعدة. وقد استقبلت أوروبا والولايات المتحدة هذه الهجمة بالفرح والسرور، لأن الجميع تأثروا بالصور التي نشرت عن ضحايا الغاز.
أما روسيا وسوريا، فنفتا استخدام السلاح الكيميائي في الغارة على خان شيخون، ولكنهما لم تقدما دليلا واضحا يثبت ذلك، واكتفتا بالقول إن الأسد ليس غبيا ليستخدم السلاح الكيميائي وهو قاب قوسين أو أدنى من تحقيق النصر، أو إنه لا يملك سلاحا كيميائيا لأن إتلافه تم بإشراف دولي، أو أن هذا سيناريو من تنفيذ المتمردين.
لكن هذه الروايات لم تعجب الكثيرين، فيما أشارت الخارجية الروسية إلى عدم إمكان التأكد مما جرى؛ لأن خان شيخون تحت سيطرة المتمردين.
الصحافي الأمريكي سيمور هيرش، سبق له أن كشف في الصحافة الأمريكية كيف كان الأمريكيون يعذبون المعتقلين في سجن "أبو غريب" في العراق عام 2004، وكشف عن المجزرة، التي اقترفها الجيش الأمريكي بحق سكان قرية ميلاي الفيتنامية في عام 1969.
لكن الصحف البريطانية والأمريكية رفضت هذه المرة نشر مقاله بشأن حادثة خان شيخون، في حين أن صحيفة "دي فيلت" الألمانية نشرتها باللغتين الألمانية والانجليزية. وقد تغاضت الصحف الأمريكية عما ما جاء في هذه المقالة لتعارضها التام مع رواية البيت الأبيض.
أما ملخص ما جاء في المقالة، فهو أن الاستخبارات الروسية اكتشفت أن قيادة المتمردين تتخذ مبنى من طابقين في شمال بلدة خان شيخون مقرا لها. واستنادا إلى ذلك أعطى الروس الجانب السوري قنبلة موجهة فائقة الدقة تزن 250 كلغم لمهاجمة هذا المبنى. كما أن الجانب الأمريكي يمتلك تسجيلا صوتيا لما جاء في المكالمة الهاتفية بين جنرال سوري وقاعدة الشعيرات، يتضمن الأمر باستخدام أفضل طائرة بقيادة أفضل الطيارين لمهمة خاصة.
وقد أبلغت روسيا الجانب الأمريكي عبر قنوات الاتصال الخاصة بينهما بتفاصيل مسار الطائرة ونية قصف مقر المتمردين. حتى أنها أبلغت الاستخبارات الأمريكية بضرورة مغادرة أي عميل لها هناك هذا المكان بسرعة.
وقد أصيب الهدف، لكن سرداب المبنى المستهدف كان يحتوي على مواد متفجرة ومواد أخرى مثل الأسمدة والمبيدات والزيوت وقناني الغاز ومحلول الكلور المستخدم في غسل الموتى. وتسبب القصف بانفجار المواد المتفجرة في السرداب، وظهور سحابة الغاز السامة الناجمة عنها وعن الكلور في سماء البلدة؛ ما تسبب بوفاة ما بين 60-90 شخص. وهذا ما لم يتوقعه أحد.
غير أن الجانب الأمريكي كان يعلم جيدا ما جرى، وأن أي أحد لم يستخدم السلاح الكيميائي. وقد أبلغ العسكريون هذا الأمر إلى البيت الأبيض، لكن دونالد ترامب لم يصغ إليهم وأراد معاقبة الأسد، وأصدر أوامره بإطلاق الصواريخ.
هذا، وقد تمكن العسكريون من تقليل الخسائر، حيث أبلغوا بالأمر الجانب الروسي، الذي نقله بدوره إلى السوريين، الذين تمكنوا عمليا من إجلاء الأفراد والطائرات من المكان ولم يتركوا فيه سوى بضع طائرات قديمة. ولذلك كانت القاعدة بعد ثلاثة أيام من ذلك جاهزة للعمل.