«الاندبندنت»: المعارضة السورية تستخدم «القوة الناعمة» لكسب العقول والقلوب
ليست القاعدة أو الجماعات الجهادية هي من تقوم بحملات كهذه، بل جاء الدور على الجماعات المعتدلة التي وجدت نفسها أمام معضلة خسارة تأثيرها بسبب التقدم الذي حققته الجماعات المتشددة"، ومن هنا بدأت حملة يقول مراسل صحيفة "إندبندنت" البريطانية إنها "تقلد" الأساليب التي استخدمتها الدولة الإسلامية في العراق وسورية "داعش".
وستقوم المعارضة السورية المسلحة بالتركيز على ما وصفه المراسل بـ"القوة الناعمة" من خلال زيادة الدعم الإنساني وتوفيره للمناطق التي تحتاجه بشكل كبير. ويأمل الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة والمجلس العسكري الأعلى للثورة السورية ومن خلال هذه الحملة بتهميش الجماعات الجهادية عبر القوة الناعمة هذه.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز في المجلس العسكري قوله: "لقد اكتشفنا أنه من أجل مواجهة القاعدة علينا مواجهتها من الجانب الاجتماعي وليس العسكري فقط.. نقوم بمضاعفة جهودنا على هذه الجبهة أيضًا".
وتقول الصحيفة إن المبادرة هي رد على حملة غير مسبوقة من قبل "داعش" بدأت العام الماضي من أجل الحصول على دعم السوريين الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، لغرض تعزيز مواقعها والتقدم نحو تحقيق هدفها بإقامة دولة إسلامية في سورية. فقد قامت داعش أو "الدولة" كما تعرف في شمال سورية بحملات تشمل على أيام للترفيه وملاعب للأطفال، وقامت بتوزيع الطعام في المناطق التي تعاني من قلة في المواد الغذائية، وأنشأت ما ينظر إليه كأسس الدولة من فتح مدارس تدرس مناهج دراسية تحمل شعار "الدولة"، وأنشأت محاكم شرعية، ومن خلال هذه المبادرات حققت "الدولة" نفوذًا في مناطق عادة ما كانت تجد الرفض فيها. وما استطاعت "الدولة" تحقيقه جاء على حساب نفوذ وتأثير الجماعات المعتدلة التي لا تملك الدعم المالي الكافي المتوفر للجماعات الجهادية والذي تحصل عليه من ممولين ومتبرعين في خارج سورية. وما يدفع المعارضة السورية لهذا التوجه هو الإيمان أن السوريين لو خيروا بين دعم يتلقونه من "الدولة" أو من الجماعات المعتدلة، أي منهم لاختاروا المعارضة المعتدلة. وتأمل هذه الأخيرة بتخفيف حدة المواجهة العسكرية مع الدولة والتركيز على الجهود العسكرية ضد نظام بشار الأسد.
ويقول التقرير إن قدرة "الدولة" الإعلامية وبراعة حملتها الدعائية لا تعني عدم تشكك السوريين من نواياها، خاصة أن سمعتها ارتبطت بالقتل والاستهداف الطائفي، وقامت بتنظيم إعدامات جماعية. واتهم تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش، مقاتليها ومعظمهم من الأجانب بارتكاب مجازر في قرى علوية في الصيف الماضي. ويقول مستشار للمجلس العسكري "الناس لا يحبون داعش، فأيديولجيتهم المتطرفة غريبة عن الشعب السوري، ولكنهم أي الشعب السوري بحاجة ماسة للدعم ولا يمكنهم رفض المساعدة من القاعدة. وهذه هي الطريقة الوحيدة لمنع القاعدة من إقامة أسس لها في سوريا، لأنها ليست خطرًا على سوريا فقط بل وعلى الغرب".
ويقول المجلس العسكري إنه أقام مكاتب له في حلب وإدلب وضواحي دمشق لغرض زيادة توزيع الأغذية والأدوية للمدنيين في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية. ويخطط المجلس لإنشاء قوة شرطة والتحول إلى قوة حفظ نظام وأمن في المناطق، إضافة لإنشاء برامج تعليمية. وتشير الصحيفة إلى المعوقات التي تقف أمام الحملة خاصة أن المعارضة السورية كافحت طوال الحرب من أجل الحصول على دعم قطاع واسع من الشعب السوري. وبسبب ابتعاد المعارضة عن قواعدها في اسطنبول فقد تعرضت للانتقاد وأنها لم تقم بعمل الكافي لتخفيف المعاناة عن الشعب السوري الذي تقول إنها تمثله، وعادة ما يشار إليها بعبارات تهكمية بأنها "معارضة فنادق الخمس نجوم" لأنها تعقد مؤتمراتها في فنادق الخمس نجوم التركية.
ونقلت عن ناشط اسمه محمد من بلدة يبرود قوله إن "معظم الناس فقدوا الثقة بالمعارضة، فهم يتكلمون ويتكلمون بدون تقديم مساعدة لنا، كما أنهم يتلقون أوامر من دول أخرى". موقف محمد يوافق عليه الكثيرون وربما كان وراء حملة المجلس العسكري للوصول إلى القواعد، في الوقت الذي تتراوح فيه مواقف السوريين من المعارضة.
لكن مشكلة المجلس تظل باقية في ظل استمرار الحرب فتوزيع المساعدات سيواجه معوقات ومخاطر. ويقول مسؤولون في المجلس إن مساعداتهم عادة ما تتعرض للخطف والمصادرة من "داعش". ومن أجل الوصول للمناطق التي تحتاج المساعدة فعلى المعارضة المعتدلة تحسين الأمن على خطوط نقل الإغاثة. ويواجه المشروع الجديد لـ"كسب العقول والقلوب" مشكلة أخرى، فقد اتهمت وحدة التنسيق والمساعدة المسؤولة عن نقل المساعدات اتهامات بسوء الإدارة والفساد. وقام 25 من العاملين فيها الأسبوع الماضي بإضراب طالبوا بتحسين الوضع ومواجهة مشاكل الفساد داخل الوحدة "ووضع حد للمحسوبية". وتختم الصحيفة بالقول إن المعركة الأخيرة تأتي في وقت زادت فيه مظاهر التوتر بين الجهاديين والجماعات المعتدلة التابعة لـ"الجيش الحر"، ومعارك لتعزيز النفوذ في شمال سورية كما حدث في أعزاز في أيلول (سبتمبر) الماضي، إضافة لمناوشات أخرى حدثت في حلب وإدلب واللاذقية وغيرها.