ذكر موقع "برافدا.رو" أن إحدى النتائج، التي أسفر عنها العدوان الأمريكي على سوريا، هو – ازدياد مخاطر المواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا؛ فلِمَ أمر ترامب بتوجيه ضربة إلى سوريا؟
جاء في المقال:
يبدو أن السبب الرئيس، الذي دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى القيام بذلك، هو الطموح لكيلا يبدو "شبيها بأوباما"، الذي كان قد اقتصر في حالة مماثلة على التذكير "بالخط الأحمر"، وبأن "بشار الأسد قد تجاوزه، ولم يوجه ضربة إليه. وفي محصلة الأمر أصبحت روسيا هي الضامن لحل مشكلة الأسلحة الكيميائية في سوريا.
غير أن ترامب اليوم لم يستطع السماح لنفسه بانتهاج هذا الطريق، وكان عليه أن يبرهن أنه ليس - أوباما.
وبالطبع، فقد تمكن الرئيس الأمريكي من البرهنة على ذلك. ويجب القول إنه أثبت ذلك بطريقة أقل إيلاما. إذ إن ضربته في الشعيرات لم تلحق أي أضرار ملموسة بالجيش السوري أو بنظام بشار الأسد.
في حين أن إحدى نتائج الهجمة الصاروخية الأخرى أصبح توسيع مساحة "مظلة" الدفاع الجوي الروسي فوق الأراضي السورية. وبتعبير آخر، أصبح احتمال تكرار مثل هذه الضربة بالنسبة إلى الجانب الأمريكي أمرا بعيد الاحتمال، ولا سيما بعد إيقاف العسكريين الروس تبادل المعلومات مع الأمريكيين، الذي كان يسمح بتجنب تصادم الطرفين في سوريا.
وهذا يعني ارتفاع قيمة المراهنات في سوريا بشكل حاد: إذ أصبح ثمن الخطأ الآن – المخاطرة بالمواجهة العسكرية المباشرة بين القوى النووية الكبرى.
فهل توقع ترامب هذا الأفق؟ نعم بالتأكيد.
فهل هو حقيقة كان يريد هذه النتائج - أي زيادة حجم المخاطر، ورفع قيمة المراهنات؟ نعم بالتأكيد.
إذًا، ما الذي يربحه من هذا الوضع؟
لقد كان ترامب يطمح من أجل الحصول على وجود عسكري مباشر للولايات المتحدة في سوريا، وكذلك الحق في استخدام القوة العسكرية هناك. أما أوباما فلم يتجرأ على فعل ذلك، لأنه أدرك أن مثل هذا التدخل العسكري الأمريكي يمكن أن يؤدي إلى تصعيد يتعذر السيطرة عليه. وترامب أيضا يعرف جيدا ذلك، ولكن كان من الضروري له أن يُظهر نفسه بأنه أقوى وأشد حسما من أوباما. وهو - فعل ذلك، وليس ذلك مصيبة، وخاصة أنه ساعد روسيا على وضع "خط أحمر" له لن يتمكن من تخطيه. هذا، إذا لم تكن لديه نية للمواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا. وإنه وضع ملائم جدا له: لقد أصبح الآن بإمكانه كبح جماح "صقوره" بسؤالهم: "هل تريدون حربا مع روسيا؟"
أما روسيا، فأرسل إليها ترامب إشارة: انظروا كيف من الصعب لجم "الصقور" لدي. وإذا لم أنل شيئا ما في سوريا، فإنهم سيفترسونني، وأنتم ستفقدون كل شيء: الآمال بتقريب المواقف، الاتصالات على مستوى وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الدفاع وغير ذلك. أنا بحاجة إلى نجاحات، وإلى ضمان مشاركة الولايات المتحدة في تقرير مستقبل سوريا. ساعدوني!
وفي الواقع، فإن هذا - أساس جديد للمفاوضات مع روسيا، يعتمد مبدأ زيادة قيمة الرهان. وهو الأسلوب المحبب للمفاوضين في مجال العمل التجاري، من حيث خرج ترامب وتيلرسون والعديد من أعضاء الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض.
إنه أسلوب مفهوم ومقبول بنفسه تماما. ولكن يستحيل التخلص من حالة التقزز عندما يخطر في البال، أن اللعبة التي بنت عليها الولايات المتحدة استراتيجيتها، قائمة على قتل العديد من الناس الأبرياء في خان شيخون.
وللأسف الشديد، هذا هو الواقع، وهذه هي "السياسة الكبرى" التي تنتهجها واشنطن.