اتفاق منبج أسقط الأحلام التوسعية التركية شمال سوريا
أكد الباحث في الشأن الاستراتيجي السوري عيسى الضاهر إن إعلان مجلس منبج العسكري عن نيته تسليم القرى الواقعة إلى الغرب من مدينة منبج يعد ضربة موجعة لأحلام النظام التركي التوسعية في الداخل السوري وأشار الضاهر، في حديث لوكالة أنباء فارس، إلى ان إحساس تحالف مجموعات "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بقرب الساعة التي ستعلن من خلالها الولايات المتحدة الأميركية للتخلي عنها هو السبب الرئيس وراء توجه هذا التحالف لقرع الباب السوري باليد الروسية. وأكد، إن القوات السورية وحلفاءها هي الطرف الوحيد القادر على مواجهة الجيش التركي وميليشياته المعروفة باسم "درع الفرات" اذا ما اقتضى الأمر، ولأن أميركا لا يمكن أن تقدم الحماية الحقيقية لـ"قسد" من التمدد التركي، كان على القوى المشكلة للتحالف الميليشياوي أن تبحث عمن تستغيث به، خاصة وإن كانت النظام التركي بدء تحركاته نحو مدينة "منبج". وتوقّع الضاهر أن يشمل الاتفاق في مرحلة قريبة تسليم القرى الواقعة بالريف الشمالي لمدينة منبج، وذلك لأن النظام التركي قام خلال المراحل الماضية بحشد قواته على الضفة الشمالية لنهر الساجور تحضيراً لعملية عسكرية ضد وجود "قوات سوريا الديمقراطية" في منبج، وبناء على التصريحات التركية المؤكدة على استمرار الهجوم باتجاه منبج إن لم تقم "قوات سوريا الديمقراطية" بإخلائها، وعلى ما يبدو إن الحل الوحيد أمام هذه القوات كانت الخروج من محاور التماس المباشر مع الجيش التركي وتركها للجيش السوري. وبيّن الضاهر إن الدخول السوري إلى منبج من شأنه أن يمهد لدخول سوري إلى ريف الرقة من الخاصرة الغربية على أن يكون ثمة توافق ما بين الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" على شكل المعركة وأهدافها ضد داعش، ومن الأكيد إن "قسد" ستقبل بما يؤمن لها البقاء في خارطة السياسة السورية للدخول لاحقا في ناتج الحل السوري. وفي ما يخص تبادل فتح الطرق ما بين الجيش السوري و"قوات سوريا الديمقراطية"، فقد أكد الضاهر إن وصل منبج بحلب بطريق تجاري من شأنه أن يمكن الجيش السوري من نقل معدات عسكرية ومواد أساسية إلى أراضي محافظة الحسكة التي عزلها تنظيم داعش برياً عن بقية الأراضي السورية من خلال قطعه للطرقات الواصلة إليها في أراضي محافظتي الرقة ودير الزور، في حين إن "قسد" وإن كانت الرابح الأكبر على ما يبدو في الاتفاق من خلال هربها نحو الأمام من المواجهة مع الجيش التركي وكسب طريق تجاري من حلب إلى منبج، إلا أنها بحاجة لتأكيد مواقفها الوطنية، وإنها ستعمل ضد الإرهاب وفقاً للمصلحة الوطنية وليس للمصالح النفعية الضيقة. وشدد الضاهر على إن الاتفاق في قراءته على الملف السوري ككل، يشكل ضربة قاضية لمشروع المناطق الآمنة التي يريدها النظام التركي في الأراضي الشمالية السورية لتكون محمية للإخوان المسلمين تحت وصاية تركية مباشرة، كما إن ذهاب الجيش السوري إلى مناطق قريبة من الحدود مع تركيا من شأنها أن تعمل على ضبط الجموح التركي ولو بالقوة، ولا بد من الإشارة إلى أن الدولة السورية لم تشتبك نهائياً مع "قوات سوريا الديمقراطية" ككتلة موحدة، وإن كانت قد اشتبكت في أوقات سابقة مع بعض الميليشيات. وختم الباحث في الشأن الاستراتيجي السوري حديثه بالتأكيد على أن النظام التركي في المرحلة الحالية سيحاول البحث عن مفاتيح ومبررات لإسقاط وقف إطلاق النار في الداخل السوري لأن هذا الاتفاق لا يتناسب مع مصالحه، أو مصالح المحور الأميركي الذي تعد تركيا جزءاً منه.