أجرت صحيفة "إيزفيستيا" مقابلة مع البرلماني الفرنسي تيري مارياني بعد عودته من زيارة إلى مدينة حلب السورية.
جاء في المقال:
تحدث عضو الجمعية الوطنية الفرنسية تيري مارياني، الذي زار سوريا في الفترة ما بين 05 و09 من الشهر الجاري على رأس وفد برلماني، عما رآه هناك، وكشف للصحيفة عن أهداف الزيارة؛ معربا عن أمله في أن يحذو زملاؤه من البلدان الأخرى حذو البرلمانيين الفرنسيين، لكي يشاهدوا بأعينهم حقيقة ما يحدث على الأرض.
- لقد عدتم من سوريا، بعد زيارة إليها على رأس وفد من البرلمانيين الفرنسيين، هل لكم أن تحدثونا عن هذه السفرة، وما هو الهدف منها؟
أعتقد أن من واجب البرلمانيين أن يكون لديهم رأيهم الخاص، وخاصة في القضايا المثيرة للجدل، وذلك من أجل الاعتماد على رؤية الواقع. لهذا زرت أنا وزملائي سوريا لتكوين صورة عن أوضاع حلب، ولا سيما أن الكثير من المعلومات الخاطئة تروَّج في فرنسا وأوروبا عامة حول الأحداث في هذه المدينة. لهذا كان هدفنا الأول وقبل كل شيء هو استكشاف الحقيقة. وقد مكثنا في مدينة حلب يومين وتكونت لدينا صورة عن حقيقة ما يجري هناك.
- هل تحدثوننا الآن عن انطباعاتكم عما شاهدتموه؟ وكيف تقيمون الأزمة السورية عامة؟
تدور مناقشات حادة في اوروبا حول المستقبل السياسي للرئيس السوري بشار الأسد. في حين أن من الأفضل، بحسب رأيي، التركيز على تحقيق السلام، لأن هذا بالدرجة الأولى يستجيب لمصلحة السوريين، حيث يستمر الموت في حصد أرواحهم. أما مسألة مصير الأسد فلا ينبغي ربطها بمسألة تسوية النزاع في سوريا. إن سلطة الأسد في الوقت الراهن أكثر استقرارا مما كانت عليه قبل عام أو عامين وحتى قبل ثلاثة أعوام. وبطبيعة الحال يعود الفضل في ذلك، وإلى حد كبير، إلى مساندة روسيا وإيران له. وعلى أي حال، يمكن التعامل مع الأزمة السورية عبر مقاربتين:
المقاربة الأولى، التي تجد انعكاسا لها في النهج الذي تتبناه الولايات المتحدة وأوروبا، ومفاده أنه ما دام الأسد على رأس السلطة في سوريا، فإنه لا طائل من النقاش والحوار بشأن الأزمة السورية. ولكن عمَّ أثمر هذا النهج؟ عن استمرار الحرب والمزيد من موت الناس، وليس هناك أي تغييرات.
وبالطبع، من الممكن تفهم أولئك الجالسين في مكاتبهم المريحة في باريس، ويسمحون لأنفسهم بالتفكير على هذه الطريقة.
أما المقاربة الثانية، فملخصها أن الأسد هو رئيس البلاد كيفما نظرنا إلى ذلك، ويجب علينا التعامل معه شئنا أم أبينا، لأن الدبلوماسية الحقة لا تعني التعامل فقط مع من يعجبك. ولهذا إنني أؤكد ضرورة أن تعمل فرنسا وكل أوروبا على تغيير نهجها في التعامل مع ملف التسوية السورية، وذلك من أجل وقف الحرب، وبعد ذلك الانتقال إلى مناقشة مصير الأسد.
- تتعرضون أنتم وزملاؤكم في الوقت الراهن لتهجمات من قبل بعض وسائل الإعلام بسبب سفرتكم هذه إلى سوريا. ما هو تعليقكم على ذلك؟
في حقيقة الأمر، أنا لا أعاني كثيرا بسبب ذلك. في كل مرة أذهب لزيارة القرم، أواجه ردة الفعل نفسها. ولكنني على قناعة تامة بأنه إذا اختارك الشعب، فمن الواجب عليك أن تتصرف كما تمليه عليك معتقداتك، وليس تلبية لأهواء وسائل الإعلام.
- وهل ترغبون في العودة إلى سوريا مجددا؟
ليس في المستقبل القريب. قريبا ستبدأ العملية الانتخابية في فرنسا، وأنا سأبدأ حملتي الانتخابية. ولكنني بعد ذلك بطبيعة الحال سأعود إلى سوريا.
- كيف تعتقدون، هل هناك احتمال لأن يزور سوريا برلمانيون من بلدان أوروبية أخرى، أو وفد أوروبي مشترك يمثل الاتحاد الأوروبي؟
كما ذكرت لكم، نحن نواجه حملة واسعة النطاق من التضليل الإعلامي بشأن ما يجري في سوريا. على سبيل المثال، لو قرأنا الصحافة الفرنسية، فإنها ستترك لدينا انطباع بأن سكان حلب تعرضوا للإبادة الجماعية، وأن المدينة نفسها دمرت بالكامل. ولكن الحقيقة هي أن 15% فقط من المباني دمرت، وأن 20% منها تضررت، وأن كل ما تبقى بقي سليما معافى.
أما ما يتعلق بالبشر، فلقد كان يسكن حلب قبل الحرب 3 ملايين شخص، بينما يسكنها الآن 1.5 مليون نسمة، إذ إن الغالبية الساحقة منهم وبكل بساطة غادرت المدينة.
في الوقت نفسه، قتل قرابة 35 ألف شخص، وأنا لا أقول إن هذا رقم صغير، ويبقى رقما مؤلما جدا وغير مقبول، حتى لو ارتبط بموت إنسان واحد. ولكن لا يمكن تقبل الأحاديث أيضا حول مقتل 1.5 مليون شخص في حلب. ولعل هذا هو الاستنتاج الوحيد الذي يمكن أن تخرج به، في حال قراءة الصحافة الفرنسية.
وتحديدا، ولهذا السبب بالذات أؤكد أن زيارة الوفود البرلمانية الأوروبية إلى سوريا، هي أمر إلزامي لرؤية الحقيقة.