صحيفة الشرق الأوسط: توافق روسي ـ أميركي على منع معركة القلمون
نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية اليوم الخميس مقالاً للكاتب " ثائر عباس" جاء فيه: "ينظر الكثير من الدبلوماسيين والسياسيين المهتمين بالشأن السوري إلى معركة جبال القلمون التي كثر الحديث عنها خلال الأشهر الماضية على أنها مؤشر لاتجاه الحل السلمي للأزمة السورية، وأنها مفتاح انعقاد مؤتمر «جنيف2» الذي يسعى الأميركيون والروس لحشد التأييد له وسط معلومات عن تباين بين الحليفين، الروسي والنظام السوري حول المعركة بسبب تأثيرها المحتمل على حظوظ انعقاد المؤتمر".
وجبال القلمون تقع عند الخط الفاصل بين لبنان وسورية، وهي السفح الشرقي لسلسة جبال لبنان الشرقية الحدودية مع سورية، وتقع غرب دمشق، وتصل ريف العاصمة بمدينة حمص عبر الأوتوستراد الدولي الذي يربط العاصمة بوسطها. وتمتد على طول الحدود اللبنانية، بمسافة 110 كيلومترات، ويصل عمقها داخل الأراضي السورية في منطقة ريف دمشق إلى 40 كيلومترا، حيث ترتبط مع لبنان عند نقطة بلدة عرسال المعروفة بدعمها القوي للمعارضة السورية التي تنشط في جرود عرسال.
وتسيطر قوات المعارضة على مساحة واسعة من المنطقة، أهمها يبرود والزبداني وقارة وفليطا والمشيرفة وراس العين والمعرة وعسال الورد، كما تسيطر على مزارع رنكوس وأجزاء من ريف النبك. وأهم الفصائل المعارضة فيه هي ألوية «جيش الإسلام»، و«أسود السنة في القلمون»، و«جبهة النصرة»، و«ألوية الصحابة في رنكوس».
ويقول دبلوماسي غربي في بيروت بحسب الصحيفة إن حصول معركة القلمون معناه عدم انعقاد المؤتمر، وهو ما يدركه الروس والأميركيون ويسعون لمنعه. وبالفعل، فقد صارح السفير الأميركي الجديد في بيروت ديفيد هيل شخصيات لبنانية التقاها مؤخراً بأن مساعي تبذل لمنع نشوب هذه المعركة، قائلاً: «نحن وأصدقاؤنا الروس نعمل ما في وسعنا لمنع هذه المعركة لمخاطرها على جنيف2، بالإضافة إلى مخاطرها الشديدة على الواقع اللبناني لجهة ارتدادات هذه المعركة الأمنية والعسكرية على لبنان».
أما السفير الروسي في بيروت ألسكندر زاسبكين فقد تحدث بالصيغة نفسها أمام سياسيين آخرين التقاهم الأسبوع الماضي، وإن كان كلامه اختلف عن الكلام الأميركي لجهة عدم تكلمه نيابة عن الأميركيين كما فعل هيل، مشيرا إلى أن بلاده تسعى لمنع حصول المعركة. ويتابع الدبلوماسيون الغربيون بدقة تطورات الموقف في القلمون، خصوصا لجهة مشاركة حزب الله في هذه المعركة، إذ يكشف الدبلوماسي نفسه أن المعلومات تقول إن الحزب حشد نحو 15 ألف مقاتل من أجل المعركة، وإنه يستعد مع النظام السوري لخوضها – وحسمها – قبل الشتاء باعتبار أن المنطقة التي ستخاض فيها المعركة جبلية، ولن يكون الطقس البارد جداً عاملاً مساعداً للمهاجمين.
إضافة إلى الحزب، يعتقد الدبلوماسي الغربي أن النظام نفسه يريد هذه المعركة بشدة، لأنه “لا يريد انعقاد المؤتمر، فهو يعتقد أنه تجاوز مرحلة الخطر، وليس مستعدا بالتالي لتقديم أية تنازلات في مؤتمر جنيف، وهي تنازلات حتمية، مهما اختلف تقييم هذه التنازلات. أما «الجماعات الجهادية» فهي بدورها تريد المعركة لأنها ترفض الحل السلمي وتعتقد أن بإمكانها ضرب النظام والحزب في هذه المعركة”.
ويشير الدبلوماسي إلى أن الحزب يدفع بقوة باتجاه هذه المعركة، وهو يسعى من خلال تركيزه المتواصل على الجماعات الجهادية ودورها في المعركة إلى تهيئة الأرضية الشعبية لتدخله هناك، لأن التوقعات تشير إلى «معركة مكلفة» بشريا. ويعتبر أن ما يتردد على ألسنة قيادات الحزب، وآخرها تصريح لأحد قيادته عن «أننا عرفنا من يفخخ السيارات ويرسلها إلى مناطقنا وسنلقنه درسا لن ينساه» تقع في هذا الإطار، خصوصا أن التسريبات الإعلامية التي ظهرت بعد إعلان اكتشاف سيارة مفخخة في الضاحية كلها ركزت على أن السيارة المفخخة أتت من يبرود في جبال القلمون، مما سيعطي الحزب دافعا لإعلان مشاركته في الحرب «دفاعا عن الضاحية».
لكن خوض هذه المعركة قد يعقد الأمور في لبنان، حيث يتوقع أن تشهد الحدود دفعة كبيرة من النزوح هربا من المعارك، إضافة إلى أن المعارضين قد ينقلون المعركة إلى الأراضي اللبنانية انتقاما من الحزب، ما قد ينجم عنه موجة تفجيرات جديدة تضرب المناطق المعروفة بولائها للحزب كما يحذر الدبلوماسي الغربي، مشيرا إلى أن على لبنان أن يسعى بشدة لمنع حصول هذه المعركة لأن «لديه ما يكفيه من المشكلات، وهو في غنى عن المزيد».
وتختم "الشرق الأوسط بالقول: "يبدو أن الأميركيين و«أصدقاءهم» الروس جادون في السعي لمنع حصول المعركة، ويظهر ذلك من خلال الكلام المتناقض عن هذه المعركة التي كثر الحديث عنها، لكنها لم تبدأ بعد، بما يؤشر إلى حجم الضغوط التي تمارس في هذا الإطار".