المرصد السوري المستقل

http://syriaobserver.org

من الإعلام
تصغير الخط تكبير الخط طباعة الصفحة
أنقرة وبروكسل ومخاض اللاجئين العسير
اعتبرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية أن إعلان رئيس الحكومة التركي أحمد داوود أغلو استقالته من منصبه أدى إلى وضع اتفاقية تسوية أزمة اللاجئين بين أنقرة وبروكسل في مهب الريح.

وأشارت الصحيفة نقلا عن Bild الألمانية، إلى أن هيئات الاتحاد الأوروبي شرعت على خلفية ذلك في بحث خطة بديلة، تحسبا لتنصل تركيا من التزاماتها التي قطعتها على نفسها لاستقبال اللاجئين على أراضيها، إذ كان لرئيس الوزراء التركي المستقيل الدور الأكبر في إبرام اتفاقية تسوية أزمة اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي.

وتعزيزا لطرحها هذا، ذكّرت الصحيفة الروسية بما صرح به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا، حينما أكد أنه لا يعتزم تقديم أي تنازلات للاتحاد الأوروبي في مطالبه بإعادة أنقرة النظر بجملة من التشريعات التركية، مشيرة إلى مساعي أردوغان الحثيثة للتحكم بجميع مفاصل السلطة في بلاده.

وأعادت الصحيفة إلى الأذهان، أن اللجنة الأوروبية وضعت أمام أنقرة، وقبل يوم على إعلان أوغلو استقالته، جملة من الشروط تتطلب التطبيق خلال مدة أقصاها نهاية يونيو/حزيران المقبل تحت طائلة إعادة النظر بتحرير نظام التأشيرة الذي يحكم دخول الأتراك أراضي الاتحاد الأوروبي.

وبين الشروط الأبرز التي فرضتها بروكسل حسب الصحيفة الروسية، إعادة أنقرة النظر بقانون مكافحة الإرهاب التركي، والحد من القيود المفروضة بموجبه، وذلك استمرار لمطالب أوروبية منذ انطلاق المفاوضات بين أنقرة وبروكسل على انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبية سنة 2005، حيث ما انفكت بروكسل تلاقي الرفض التركي كلما طالبت بتعديل هذا القانون، الأمر الذي يبقى عقبة كأداء على طريق انضمام الأتراك إلى اتحاد الأوروبيين.

بروكسل من جهتها، ترى في القانون التركي لمكافحة الإرهاب حسب "كوميرسانت"، أداة بيد السلطات التركية لكم الأفواه وتقييد الحريات، نظرا لشموله جملة من المواد التي تعاقب جنائيا على ما قد تراه السلطات التركية ترويجا للإرهاب عبر وسائل الإعلام مثلا.

ولفتت الصحيفة الروسية النظر إلى تعنت الرئيس التركي والأوساط المقربة منه، ورفضه القاطع للطرح الأوروبي بهذا الصدد، معللا ذلك بضرورة تشريعات مكافحة الإرهاب في الحفاظ على أمن بلاده، ولا سيما في ظل المواجهات مع حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة "تنظيما إرهابيا".

وأشارت كذلك، إلى أن فريق أحمد أوغلو، والذي كان يعوّل من جهته على الأوروبيين في رفع نظام التأشيرة المفروض على دخول الأتراك أراضيهم، كان مؤمنا بإمكانية التوصل إلى حل وسط مع بروكسل، وأعرب عن استعداده التام لبحث الخلاف المزمن معها حول قانون مكافحة الإرهاب التركي.

واعتبرت أن آمال فريق أوغلو، تحطمت على صخرة دخول أردوغان وفريقه على الخط، والذي أعلنها صراحة أن أنقرة لا تعتزم تعديل تشريعاتها لمكافحة الإرهاب "خدمة لمصالح الاتحاد الأوروبي".

وأبرزت "كوميرسانت" أن أردوغان، وبعد تصريحاته النارية هذه، عاد ليخفف اللهجة في مخاطبة بروكسل، وأعرب عن أمله في أن "يمثل إلغاء بروكسل التأشيرة للأتراك خطوة هامة على طريق انضمامهم إلى الاتحاد الأوروبي"، وجدد التأكيد على تمسك بلاده بأن تصبح جزءا لا يتجزأ من النادي الأوروبي.

ولمست الصحيفة الروسية، في التخبط الظاهر في تصريحات الرئيس التركي، أنه كان كافيا لحمل قيادة الاتحاد الأوروبي على بحث خطة بروكسل البديلة لتسوية أزمة اللاجئين، والعودة عن وهب أنقرة ثلاثة مليارات يورو لرفد جهودها وقبول اللاجئين على أراضيها ورعايتهم.

وبين الخطط البديلة التي شرعت قيادة الاتحاد الأوروبي في بحثها تحسبا لانهيار اتفاقية تسوية أزمة اللاجئين مع أنقرة، استحداث مراكز استيعاب وتسجيل اللاجئين على جزر يونانية، وقطع الطريق البحرية بين الجزر المذكورة وأراضي اليونان القارية، وترحيل اللاجئين إلى بلدانهم.

وبالعودة إلى الشأن الداخلي التركي في هذا السياق، رجحت الصحيفة أنه واستنادا إلى مساعي أردوغان المحمومة لتركيز السلطات في يد رئيس الجمهورية بموجب تعديلات دستورية تطرح على الاستفتاء العام، رجحت أن تشغل منصب رئيس الحكومة الجديدة بعد تحولات جذرية منتظرة في تركيا، شخصية تعلن ولاءها التام لرئيس الجمهورية.

وبين المرشحين الأوفر حظا لشغل هذا المنصب الرفيع، أشارت "كوميرسانت" إلى صهر أردوغان، وزير الطاقة والموارد الطبيعية برآت البيرق، ووزير المواصلات والبحرية والاتصالات السابق بينالي بيلديريم، معتبرة أن حظوظ الأول صارت أوفر من الثاني في تولّي هذا المنصب على خلفية فضيحة نجل الثاني، بيلديريم، الذي تبيّن "إفراطه في لعب القمار".

وفي الختام، خلصت الصحيفة الروسية إلى أنه، واستنادا إلى طبيعة المهمة الأولى التي ستوكل لرئيس الحكومة التركي المنتظر، وستقتصر على ضمانه تبنّي البلاد السلس نظام الحكم الرئاسي، فإن التوصل بين أنقرة وبروكسل إلى حل وسط لتسوية أزمة اللاجئين وتحرير التأشيرة، سوف يتعذر ولن يكون أسهل من المخاض العسير.

11:48 2016/05/12 : أضيف بتاريخ







 
المرصد السوري المستقل