في السنة السادسة ... على أرض سوريا ما يستحق البقاء... شباب لم يغادروا
هي السادسة بتوقيت الحرب السورية التي ختمت خمس سنين من عمرها، وتدخل اليوم عاماً جديداً وعلى غير السنوات السابقة، هو عام يتسم بالهدوء، نتيجة هدنة متفق عليها طبقت منذ أقل من شهر وخلقت شيئاً من الاستقرار النفسي والارتياح في قلوب السوريين.
الحرب في سوريا على مدار ستين شهراً حملت أحزاناً وقهراً وجوعاً وفقراً. أحلام سقطت وأهداف أُلغيت، ما دفع الكثير من الشباب السوري لمغادرة البلاد بحثاً عن فضاء أهدأ وفرصة لمعيشة أفضل، فيما بقي كثيرون امتلكوا الرضا والأمل بمعجزة قريبة تعيد البلاد لحالها السابقة.
"لو استطعت السفر ما ترددت" ــ هذا جواب عامر حسين الطالب في كلية العلوم بجامعة دمشق على سؤالنا: "لماذا بقيت في البلد طيلة سنوات الحرب؟ وأضاف:"نزحت من بيتي في بداية الحرب وترك والدي عمله في شركة اتصالات وعمل سائق تكسي، كما اتجهت والدتي للعمل في البيوت لتستطيع أسرتي أن تؤمن لقمة العيش والبقاء على قيد الحياة، وأنا إلى هذه اللحظة لم أجد فرصة عمل"، وختم جوابه بنبرة حادة: "كل هاد وما بدي فكر سافر؟!"
تجاوز عدد اللاجئين من سوريا إلى البلدان المجاورة حاجز الأربعة ملايين لاجئ، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي أكدت أن هذه الأزمة هي الأكبر في العالم منذ حوالي ربع قرن من الأزمات التي تقع تحت ولاية المفوضية.
مرت في بال أنس أسود الشاب العشريني فكرة السفر عدة مرات وخاصة في الفترة التي شهدت تسهيلات من قبل الدول الأوروبية للاجئين، لكنه لم يتجرأ على اتخاذ القرار، حيث قال:"بعد أن سافر الكثير من أصدقائي إلى ألمانيا والسويد فكرت مراراً في الموضوع، عارضني أهلي وشعرت أن وضعي أفضل من غيري بكثير، عملي مستمر ودراستي في المعهد التقني جيدة وأستطيع تقديم الفائدة لبلدي، فغيرت رأيي، ولست نادماً أبداً".
استطاعت الهدنة المطبقة في سوريا أن تغيّر آراء الكثير من السوريين في الهجرة، كحال لين الموظفة في وزارة الكهرباء، حيث قالت: "خلال فترة تصاعد الأحداث فكرت في السفر إلى ألمانيا حيث يتواجد أخي وأختي خاصة أنني نزحت من بيتي في منطقة برزة واضطررت لاستئجار بيت في منطقة المزة، لكن مخاطرة ركوب البحر وخاصة بعد قصة الطفل "إيلان" جعلتني أتردد كثيراً، إلى أن تم تطبيق الهدنة شعرت بأن الفرج قريب وألغيت فكرة السفر رغم تشجيع أخوتي من الخارج، لكني اتخذت قراري في البقاء ولن أتراجع عنه".
وبحسب تقرير نشر على موقع "يوميات قذيفة هاون"، عدد قذائف الهاون في دمشق، من بداية شهر شباط/فبراير إلى الخامس والعشرين منه، أي قبل تطبيق الهدنة بيوم هو 39 قذيفة وأربعة تفجيرات، راح ضحيتها أكثر من مئة شهيد مقابل 12 قذيفة هاون دون تسجيل أيه تفجيرات منذ تطبيق الهدنة إلى لحظة كتابة هذه المادة.
لعل الإصرار على البقاء بات أقوى من الخوف في نفوس السوريين، واحتل الأمل بالانتصار وعودة الأمان مساحةً أكبر من اليأس في قلوبهم، هم من حلموا بحياة كريمة ومستقبل مشرق، هم من أيقنوا أن على أرض سوريا ما يستحق البقاء!.