تطرقت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الى موضوع قصف المدفعية التركية لمواقع قوات الحكومة السورية ووحدات حماية الشعب الكردي، مشيرة الى أن أنقرة بهذا تحاول إضرام نيران حرب إقليمية.
جاء في مقال الصحيفة: قصفت المدفعية التركية مواقع وحدات حماية الشعب الكردي في محافظة حلب وكذلك مواقع القوات الحكومية في اللاذقية. كما ارسلت المملكة السعودية طائرات حربية الى قاعدة انجرليك التركية القريبة من الحدود مع سوريا. وأعلن وزير خارجية تركيا مولود تشاوش اوغلو أنه لا يستبعد عمليات حربية برية. كل هذا حدث على خلفية اتفاق المجموعة الدولية لدعم سوريا على وقف اطلاق النار خلال أسبوع واستئناف المفاوضات السلمية.
وتجدر الاشارة الى ان وحدات حماية الشعب الكردي كانت قد استولت الأسبوع الماضي على مطار منغ العسكري بالقرب من مدينة عزاز بمحافظة حلب والواقع على مقربة من حدود تركيا. واعتبرت أنقرة ان الأكراد قد اقتربوا كثيرا من حدودها، لذلك قررت قصفهم بالمدفعية. وبحسب وكالة رويتر للأنباء، استمرت المدفعية التركية في قصف مواقع الأكراد، واعلنت أنقرة انها لن توقف هذا القصف إلا بعد ان ينسحب الأكراد من مطار منغ ويبتعدوا عن الحدود التركية. وقد رفض صلاح مسلم أحد القادة الأكراد إنذار أنقرة مؤكدا ان الوحدات الكردية مستعدة لمواجهة أي توغل تركي، ولهذا لن تنسحب من المطار العسكري الذي كانت تسيطر عليه "جبهة النصرة".
تصرفات أنقرة هذه أربكت واشنطن، ودعا الرئيس التركي أردوغان الولايات المتحدة الى أن تحدد من هو حليفها، أأنقرة أم الأكراد. أما الأمريكيون فيعتبرون الأكراد حليفا لهم في محاربة "داعش" فيما تعتبرهم تركيا ارهابيين و"جزءاً من النظام السوري". عمليا بدأت العمليات العسكرية التركية مباشرة بعد اعلان وزير خارجية روسيا ونظيره الأمريكي جون كيري عن اتفاق مجموعة دعم سوريا على وقف اطلاق النار في سوريا خلال أسبوع واستئناف مفاوضات التسوية السلمية برعاية الأمم المتحدة. وكان كيري في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع لافروف قد أعلن أن جميع أعضاء المجموعة الدولية لدعم سوريا "مصممون" على التوصل الى المصالحة. كما أعلنا أن قرار وقف اطلاق النار لن يشمل المجموعات الارهابية كـ"داعش" و"جبهة النصرة".
وقد علق الممثل الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا قائلا: من الصعوبة بمكان اسكات أصوات المدافع في سوريا، وإن "التوصل الى هذا خلال وقت قصير ليس سهلا". كما اشار الى ان الأطراف لم تتوصل الى تحديد المجموعات الارهابية بصورة نهائية. وأكد لافروف من جهته على ضرورة واهمية استئناف المفاوضات وعدم السماح بوقفها كما حصل في جنيف. من جانب آخر أكد الرئيسان بوتين وأوباما في اتصال هاتفي ضرورة "تنشيط التعاون دبلوماسيا وعبر المنظمات الأخرى" لتنفيذ خطة ميونيخ. إضافة إلى هذا أكد الرئيس الروسي بوتين ضرورة "انشاء جبهة موحدة مضادة للإرهاب والتخلي عن المعايير المزدوجة".
من جانبها علقت نائبة المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية آنا غلازوفا على هذه المواضيع بالقول: إن نجاحات روسيا في مكافحة الارهاب، قوضت خطط تركيا، وأن "اردوغان لم يتعود على الفشل، لذلك يمكن ان يفعل أي شيء لتغيير الأوضاع لصالحه. ففيما تحاول روسيا والولايات المتحدة تقريب مواقفهما بشأن سوريا، تنهار أعصاب الرئيس التركي. حتى انه يحاول ابتزاز الولايات المتحدة، عندما طلب منها تحديد مع من تقف: أمع انقرة أم مع الأكراد. لذلك يمكن توقع أي عمل من تركيا حتى اثارة نزاع مسلح مع روسيا". واردوغان، حسب رأيها، لا يرغب في الاعتراف بالهزيمة، لذلك "سيحاول اضرام نار حرب اقليمية، وليس فقط حرب أهلية محلية في سوريا. لأن من المهم لتركيا المحافظة على سيطرتها على الحدود الواقعة غرب الفرات، للتأثير في مجرى النزاع السوري من خلال توصيل الأسلحة والمساعدات للمجموعات الإرهابية. وإذا لم يغلق هذا الجزء من الحدود، فإن العمليات العسكرية الروسية في سوريا ستذهب سدى، مما سيسبب استمرارها لفترة طويلة". طبعا يمكن لواشنطن ان تؤثر في الموقف التركي، ولكن ليست للولايات المتحدة استراتيجية سياسية واضحة في الشرق الأوسط، "فليس هناك مثلا ما يمنع كيري من ان يتنكر بعد أسبوع لما صرح به اليوم. وهذا يزعج تركيا ويثيرها، ولا تعرف ما الذي يمكنها أن تنتظره من الولايات المتحدة، أهي ستدعمها أم لا".