دورة معيشة (الأسرة السورية) تنقطع ... وحلم العمر هل أنت حي أم ميت؟!
خمس سنوات بما احتوت من تاريخ أسود ودموي لف لفيف السوريين كانت كفيلة بقلب معادلات البقاء والاستمرار عند من تبقى من عائلات في البلاد.
تلك العائلات التي صمدت إجباراً أو اختياراً بعد آلاف الوفيات وملايين النازحين والمهجرين، ليفرض مجرد حلم البقاء على قيد الحياة إنجازاً كبيراً بالفلتان من لعنة الذبح والسحل والموت تفخيخاً أو بقذيفة وفي أحسن الأحوال اختطافاً، يفرض نفسه في يوميات المواطن السوري، وبالتالي راح زمان الأمل ببناء بيت أو دار قد يتهدم أو يحرق أو يسرق من أثاثه وحتى من أساسه…
لقد انقطعت دورة الحياة لدى السوريين بعد أن اقتحمت بلادهم الوجوه المتوحشة ليعلقوا بين مطرقة القتل والتدمير في مناطق سيطرة الإرهابيين المسكونة بالخوف والرعب وحصار الموت وتجويع السكان ونشر الجهل، وسندان الارتفاع الجنوني للأسعار وجشع تجار الحروب والأزمات، فضلاً عن القذائف العشوائية التي تحصد العشرات.
تحول النقاش بين الأولاد والآباء والأمهات من الطموح في الدراسة وبناء المجتمع إلى خيار الهجرة، بحثاً عن الوطن البديل على الرغم من كل ما حصل للمهاجرين التائهين من لعنة التفجيرات في العواصم الأوروبية.
في الشارع الرئيسي بمحافظة الرقة منزل يحيطه سور من الياسمين والورود يقطف منها الشبان والشابات الذين يتجاوزون المسافة على أقدامهم، ليشعر بالسعادة الطبيب آصف الشاهر مالك المنزل، كما يروي لـ"سبوتنيك"، وهو الهارب من تنظيم "داعش" الإرهابي الذي استولى على منزله وعيادته الطبية وباع جميع معداته ومقتنيات منزله التي جمعها مع زوجته من تعب وشقاء السنين الطويلة.
الشاهر يردف، قائلاً إن كل طبيب غادر محافظة الرقة قام تنظيم "داعش" الإرهابي بالاستيلاء على منزله وعيادته، بعدما قام أبو رغال الرقاوي بإرشاد المسلحين على أماكن البيوت الخالية من أصحابها، علماً أن اسم أبو رغال يعود إلى الرجل الخائن الذي قاد أبرهة الحبشي إلى الكعبة ليهدمها، كما تم إغلاق المدارس في المناطق الشرقية، فالطفل يتعلم في السنين الأولى من عمره ويجب أن يتناول التغذية الكاملة والشاملة حتى يرتفع معدل الذكاء.
ويأسف الشاهر لما حل به وبغيره، فهو يسكن في منزل صغير جداً في دمشق وغادر أولاده البلاد، فهو طبيب الأطفال ومارس المهنة منذ عام 1979، وكان طموحه رؤية أولاده وأحفاده مجتمعين في منزله.
ويقول محدثنا "إن المسلحين أضلوا بوصلتهم، فبدلاً من أن يتجهوا لتحرير فلسطين وبيت المقدس احتشدوا في سوريا وأمعنوا فيها خراباً ودماراً وقتلى وجرحى ومعوقين ونزوح للعائلات داخل البلاد وخارجها.
وفي إحدى الحالات، كما أوضحها الناجون من سيطرة الإرهابيين لـ"سبوتنيك"، قام طبيب بمقايضة سيارته مقابل كيلو من الأرز والسكر.
وقال أهالي بعض الضحايا "شهداء الحرب" لـ"سبوتنيك" إن حلم أولادهم الشباب كان الدراسة والحصول على الشهادة الجامعية والعمل لجمع المال وبناء عائلة مسالمة تساهم في تطوير المجتمع.
وتدل الدراسة التي نشرها منتدى دافوس الاقتصادي حول مؤشر السعادة لعام 2015، على أن الناس في إسرائيل أكثر سعادة في الشرق الأوسط، لتحتل المرتبة الـ11 عالمياً، لأنها تحصد ثمار ما يحصل في الوطن العربي من اقتتال وإرهاب لا يقترب منها، بينما احتلت سوريا مركز 156.