سلمى في مرمى النار.. الروس يفكون شيفرة الإرهابيين ووحدات الاقتحام تتقدم
تستمر وتيرة المعارك التي تخوضها وحدات الجيش السوري والدفاع الوطني في ريف اللاذقية الشمالي، وترتفع سخونتها بعد التقدم الكبير الذي أحرزته وحدات المشاة المدعومة من سلاح الجو الروسي، الذي مهد لدخول تلك الوحدات إلى مناطق عديدة، في ظل خلل كبير في قدرات التنظيمات المسلحة هناك.
ولم يعد بإمكان هذه التنظيمات في ريف اللاذقية الشمالي الظهور والتحرك، كما كانت تفعل في السابق، ولم تعد تمتلك ذات القدرات اللوجستية التي كانت تستخدمها في الماضي القريب، كما أن طرق الإمداد الواصلة عبر الحدود التركية، غير مفتوحة بذات السهولة السابقة. والمقاتلات الروسية تنفذ غارات دقيقة يمكن وصفها بـ"الجراحية" على تلك الطرق البرية التي أصبحت شبه مقطوعة، وباتت أيضاً القدرة على تبديل مواقع الاشتباك بين مجموعات التنظيمات المسلحة "معدومة". تغيرات ميدانية بالغة الأهمية أثرت بشكل مباشر على سير العمليات العسكرية في ريف اللاذقية، وأضحت تمهد لمرحلة الحسم العسكري مع فرار قيادات التنظيمات الإرهابية إلى الأراضي التركية، نتيجة الضربات الجوية الروسية على مواقعهم والهجمات البرية المنسقة والمنظمة التي يشنها الجيش السوري.
أحد القادة الميدانين تحدث لوكالة "سبوتنيك" عن الدور المهم الذي يلعبه سلاح الجو الروسي، واصفاً إياه بـ"المتمكن والقادر" إحداث تغيرات استراتيجية في جميع الظروف، مشيراً إلى الحضور السريع والضربات الدقيقة والمركزة للمقاتلات الروسية، ودورها في تقويض قدرات التنظيمات المسلحة، حيث تمكنت خلال فترة وجيزة من تدمير العشرات من مستودعات الذخيرة والأسلحة وقواعد إطلاق الصواريخ وتدمير العشرات من مقرات القيادة ومراكز التحكم. ويؤكد المصدر ذاته التنسيق العسكري بين سلاحي الطيران الروسي والسوري، ويتحدث عن أعمال مشتركة ساهمت في منع حدوث أي خطأ أثناء تنفيذ المهام، ويشير أيضاً إلى أن القوات الروسية في قاعدة "حميميم" السورية، قامت بإعادة تذخير الطائرات السورية بقنابل وصواريخ متطورة تجعلها أكثر قدرة ودقة في تدمير الأهداف سريعاً.
ترجم الجيش السوري المعطيات اللوجستية الجديدة واستطاع أن يستغل الخلل الكبير الذي أصاب إمكانات التنظيمات المسلحة، نتيجة الضربات القاصمة لسلاح الجو الروسي، وفرض سيطرته على تلال عديدة في ريف اللاذقية بالقرب من قرية جب الأحمر الاستراتيجية في أقصى الشمال الشرقي لريف اللاذقية. ارتباط جغرافي هام جداً جعل من السيطرة على تلال جب الأحمر جزءاً حيوياً من العمل العسكري الدائر في سهل الغاب، وبالتزامن مع العملية الجارية في جب الأحمر تدور رحى العمليات العسكرية أيضاً في التلال الأهم والأقرب لمدينة سلمى وضاحيتها. وهناك يبدو المشهد أكثر تعقيداً ويحتاج لكثير من التروي والحذر، وتشتد المواجهات المباشرة هناك بشكل يومي بغية السيطرة على تلال كفر دلبة.
والجروف الصخرية العميقة والخنادق التي حفرتها التنظيمات الإرهابية خلال السنوات الأربعة السابقة، أخرت في سقوط سلمى بيد الجيش السوري، كما أن الإدراك المسبق للتنظيمات الإرهابية لمدى أهمية التلال في الحرب الدائرة، جعلها تستميت دفاعاً عنها وتتحضر لسيناريو المواجهة المباشرة منذ وقت طويل. الرمايات المدفعية والاستهدافات البعيدة لم تكن وحدها القادرة على الحسم مما جعل التقدم البري الحاصل داخل ضاحية سلمى يسير ببطء، ولكن بخطوات مدروسة، عبر وحدات خاصة بالاقتحام، التي تتجنب التوغل السريع في عمق المناطق الخاضعة لسيطرة لتنظيمات المسلحة، مما يجعلها تنكشف وتدخل في حرب استنزاف بشرية تسعى التنظيمات المسلحة لجعل الجيش السوري يقع فيها عبر القنص وقذائف الهاون التي يمكن تحديد أهدافها بالعين المجردة.
وفي حال السيطرة على ضاحية سلمى، وهي المعقل الأهم للمجموعات المسلحة، والاسم الأبرز عبر السنوات الأربعة الماضية، أكثر قرباً وفي متناول وحدات المشاة المسيطرة، مؤخراً، على جزء كبير من الضاحية، التي تفصلها عن مدينة سلمى بضعة مئات من الأمتار.