تكتيكاتتركية ـ سعودية ـ قطرية في مواجهة العمليةالروسية في سوريا: التنسيق عن بعد بين تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» لتشكيل قوة هجوميةلقطع طرق الإمداد للجيش السوري في حلب، وتسريب صواريخ صينية مضادة للطائرات إلى المجموعاتالمسلحة.
ولم تغادر الاستخبارات التركية أياً من الخياراتالممكنة لوقف تمدد العملية الروسية في سوريا، سواء عبر اعتماد خيار نقل صواريخ مضادةللطائرات إلى الشمال السوري، أو العمل على تنسيق العمليات الهجومية لـ «أخوة الجهاد»في «داعش»و «النصرة» ضد الجيش السوري،بحسب ما حذّرت منه وزارة الدفاع الروسية قبل أيام.
فعلى صعيد الصواريخ، وبرغم ما تقوله مصادر متقاطعةمن أن الروس نقلوا في الأيام الأخيرة تحذيرات واضحة إلى أنقرة من مغبّة الإقدام علىتزويد المجموعات «الجهادية» المسلحة في سوريا بصواريخ مضادة للطائرات، إلا أن المعلوماتتتحدث عن ظهور صواريخ صينية مضادة للطائرات في الشمال السوري.
وكانت المجموعات المسلحة قد حصلت منذ العام2013 على نماذج من صواريخ «أف أن 6» الموجهة بالليزر، والتي تطلق فوق الكتف، ويبلغمداها 5.3 كيلومترات. وبإمكان هذه الصواريخ، التي تعد نسخة صينية لصواريخ «سام» الروسية،أن تدمر الطوافات التي تحلق على ارتفاعات منخفضة. وكان الإسناد الجوي الروسي لعملياتالجيش السوري البرية منذ انطلاق «عاصفة السوخوي»، قد لجأ إلى ضرب مواقع المسلحين منارتفاعات تتراوح ما بين 25 و100 متر، من دون أن تتمكن أسلحتهم من اختراق دروع «الدبابةالروسية الطائرة».
ورغم أن هذه الصواريخ لا تهدد المقاتلات التي تحلقعلى ارتفاعات عالية، إلا أن تهديد عمل الطوافات وتحييدها يشكل تهديداً جدياً لجانبمهم من العمليات الروسية. وكانت النماذج الأولى التي ظهرت في دير الزور، منذ عامين،تعود إلى مخازن الجيش السوداني، الذي قالت معلومات آنذاك إن عناصر «فاسدة» قامت ببيعهاإلى الاستخبارات القطرية، التي قامت بنقلها آنذاك إلى تركيا فسوريا.
وليس مؤكداً أن نماذج جديدة قد تكون حصلت عليهاالمجموعات المسلحة. ولكن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، كان قد قام في شباط العام2014 عندما كان وليا للعهد، بالتوقيع على صفقة أسلحة مع إسلام آباد، تشمل الحصول علىهذا النوع من الصواريخ، التي تطورها باكستان مع الصين.
ورغم انه لم يسجل أي إصابة في عمليات الطوافات الروسيةفي ريف حماه الشمالي، الذي تسمح تضاريسه وتلاله، كما في سهل الغاب، بالوقوع في مدىالصواريخ القادرة على ضربها على ارتفاعات منخفضة، إلا أن تنسيق هجوم «داعش» و «النصرة»على طريق حلب ـ حماه، منذ ثلاثة أيام، يستدرج في منطقة سهلية مكشوفة تدخل الطوافاتالروسية، واحتمال اختبار إيقاع إصابات فيها، وتعطيل نقطة التحول في المعارك لمصلحةالجيش السوري، والتي لا تزال تحتاج إلى المزيد من الوقت، والتقدم في الميادين، لترسيخها.
وفضلا عن احتمال الصواريخ، بدأ الأتراك تنسيق هجوممعاكس في الشمال السوري، وتشتيت حشود الجيش السوري، اختارت له الاستخبارات التركيةإدارة تنسيق عن بعد، بين «داعش» و «النصرة»، بسبب صعوبة توحيد «أخوة الجهاد»، على مابينهما من خلافات تمنع أي تقارب بينهما حتى الآن. وخلال الأيام الثلاثة الماضية، استطاع«داعش» إيصال أكثر من 130 عربة، محمّلة بالمدافع والمقاتلين، عبر الطريق السريع منالرقة جنوبا إلى اثريا شمالا، من دون أن تعترض مسيرة أرتالها أي غارات، فضلاً عن منععاصفة اليوم الأول من الهجوم أي تحليق للطائرات.
وتقدمت «النصرة» من تل مراغة باتجاه خناصر، من الغرب،لوضع الجيش السوري في كماشة، مع ارتال «النصرة» التي كانت تتقدم من الشرق على الطريقبين اثريا وخناصر. واستطاعت الموجات الأولى للهجوم من السيطرة على 17 نقطة وحاجزاًللجيش السوري، والاستيلاء على مقطع من 20 كيلومتراً من الطرق التي تمتد لمسافة 120كيلومتراً باتجاه سلمية فحماه. ومن دون الإمداد التركي الذي تدفق نحو منطقة الاشتباكات،ما كان لـ «داعش» أو «النصرة»، التي صد الجيش هجومها، أن تتقدم، ولا أن يفتح «داعش»محوراً للتقدم نحو معامل الدفاع في السفيرة، ومحاولة اختراق خط الدفاع عنها في قريةالعزيزية.
ويبدو أن الأتراك و «داعش» قد نجحوا بإبطاء هجومالجيش السوري في ريف حماه الشمالي. كما أدى الهجوم المعاكس إلى تمهّل الجيش في التقدملفك الحصار عن مطار كويرس في ريف حلب الشرقي، بعد أن استطاع خلال الأيام الماضية، شقثغرة طولية في خطوط «داعش» من السفيرة شرقاً، نحو المطار المحاصر، والصامد منذ ثلاثةأعوام، ليصل إلى تخوم المطار، على بعد كيلومترات قليلة. ولكن اختراق قرى الشيخ احمدوكويرس، للوصول إلى حامية من 1200 ضابط وجندي، ينتظر تثبيت مواقعه، وخطوط إسناده الجديدة،وحماية أجنحته من أي هجوم يقوم به «داعش». ولم تتأثر عمليات الجيش في ريف حلب الجنوبي،واستمرت على وتيرتها الأولى، لكن الأهم أن طريق الإمداد الرئيس للجيش السوري، ولأكثرمن مليون ونصف مليون مدني في حلب، قد تم قطعه، وتحولت عملياته وأولوياته في حلب، إلىشنّ معارك لاسترداد النقاط المفقودة، وفتح الطريق.
والأرجح أن ما قاله رئيس الأركان المشتركة الأميركيالجنرال جوزيف دانفورد عن «ميزان القوى الذي بات يميل لصالح الجيش السوري الآن» لايعبر بالضرورة عن التطورات الميدانية الحالية، لكنه يخضع لاحتمالات التقدم التي باتتمفتوحة أمام الجيش السوري، على ضوء العملية الجارية تحت غطاء روسي، وتحقق الحساباتالتي تسمح بها الإمكانيات التي حشدها التحالف الرباعي في سوريا، لتحويل مجرى الحرببشكل نهائي لصالح الجيش السوري.
ويبدو الهجوم المعاكس على مقطع اثريا وخناصر، منطريق حلب ـ حماه الاستراتيجي، في سباق مع فيينا السوري الثاني، ومحاولات الروس الوصولإلى إجماع إقليمي ودولي في الحرب على الإرهاب كقاعدة لأي مسار سياسي في سوريا. ويبدوأن فيينا الثاني الذي ينعقد الجمعة المقبل سيشهد للمرة الأولى منذ بداية الحرب علىسوريا قبل أربعة أعوام ونصف العام، جلوس الإيرانيين إلى طاولة واحدة مع السعوديين،والأميركيين، والأتراك، رسميا، للبحث في الملف السوري. والأرجح أن الأميركيين، ومنخلال الاتصالات الأخيرة التي أجراها الرئيس باراك أوباما بالملك سلمان قد حصلوا علىضمانات بألا يقاطع السعوديون اجتماع فيينا، أو يعترضوا على المشاركة الإيرانية. وذكرالبيت الأبيض، في بيان، أن أوباما والملك سلمان التزما بزيادة الدعم «للمعارضة السوريةالمعتدلة» وأكدا الحاجة إلى التعاون في محاربة متشددي «داعش».
وإذا ما حضر السعوديون اللقاء الجمعة المقبل إلىجانب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وبغضّ النظر عن المفاوضات ومضمونها، ستتحولالمشاركة الإيرانية اختراقاً ديبلوماسيا كبيراً، يسجل للروس الذين تمهلوا في فييناالأول، ريثما تنضج الاتصالات الأميركية مع الرياض.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري عبّر، عنوجود رغبة أميركية، وإقليمية دولية، بإشراك طهران في المسار السياسي السوري، قبل أنتؤكد وزارة الخارجية الأميركية النبأ بعد اتصال أوباما بالملك سلمان. وأصبح واضحاًأن اجتماع فيينا المقبل، سيجمع للمرة الأولى، مجموعة الاتصال الدولية والإقليمية حولسوريا، التي يشترط أي بحث جدي بالحل السوري، تشكيلها، باعتبار أن أطرافها، يملكون مجتمعينمفاتيح الحل السوري.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية أن وزير الخارجيةسيرغي لافروف أجرى مكالمة هاتفية، هي الرابعة خلال أيام، مع نظيره الأميركي جون كيريبحث خلالها الأزمة السورية، مضيفة أن الوزيرين اتفقا على ضرورة مشاركة كل البلدان الرئيسيةبالمنطقة في الجهود الرامية لإيجاد حل للأزمة السورية.
وكانت الرئاسة السورية أصدرت بياناً أكدت فيه أنالمبادرات السياسية لن تفلح في سوريا قبل القضاء على الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرارإلى ربوع البلاد.
إلى ذلك، أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسيوولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في أبو ظبي، تأييدهما لحل سياسي للنزاع،من دون التطرق إلى مصير الرئيس بشار الأسد.