«داعش» يتقاسم السيطرة مع «النصرة» و«أحرار الشام» علاء حلبي بين ليلة وضحاها، غيّر تنظيم «داعش» من خريطة السيطرة في ريف حلب الشمالي، فقضم خلال ساعات قليلة مساحة كبيرة منه، واستولى على مناطق كانت تسيطر عليها فصائل تابعة إلى «الجبهة الشامية» المدعومة من تركيا، مقاسماً بتقدّمه «جبهة النصرة» التي تسعى لـ «التمدد» في ريف حلب، و «حركة أحرار الشام» وإن بصورة أقل، ليصبح المشهد في الشمال الحلبي المفتوح على تركيا مزدحماً بـ «الجهاديين». «التمدد» الجديد لتنظيم «داعش»، والذي شمل مدرسة المشاة (مركز إدارة عمليات «الجبهة الشامية»)، والمنطقة الحرة وسجن الأحداث، وقرى تل قراح، فافين، تل سوسيان، كفرقارص، معرته، وعدة بلدات ومرتفعات صغيرة ليصبح على بعد أقل من 20 كيلومتراً من مدينة حلب قادماً من الشمال، جاء بعد معارك وصفها مصدر معارض بأنها «صورية»، حيث لم يلق مقاتلو التنظيم أية مقاومة فعلية، باستثناء معركة صغيرة جرت في مدرسة المشاة، لتبدأ الفصائل انسحابها من هذه النقاط بشكل تدريجي.
المصدر المعارض الذي أكد أن تسليم هذه المناطق لتنظيم «داعش» جاء وفق أوامر من غرفة عمليات «الجبهة الشامية»، رأى أن هذا التقدم «لم يأتي من عبث»، موضحاً أن «الفصائل الصغيرة في الجبهة الشامية ذابت في بوتقة الفصائل الجهادية المتزاحمة، فأحرار الشام فرضت سيطرتها على مناطق عدة، كذلك بدأت جبهة النصرة بالتمدّد والتهمت فصائل صغيرة عدة، الأمر الذي كرره داعش». والملاحظ في التقدم الأخير لـ «داعش» عدم وجود أية مواجهة فعلية بين «أحرار الشام»، وهي عضو في «الجبهة الشامية»، ومسلحي التنظيم، الأمر الذي فسّره المصدر بأن «الجبهة الشامية لم تعد موجودة على الأرض بشكل فعلي منذ تشكيل غرفتي فتح حلب وأنصار الشريعة، حيث انشغلت أحرار الشام بمعارك أخرى تؤمن لها تمددها وتخلّت عن الجبهة الشامية». وعلى الرغم من تواتر الأنباء حول بدء انسحاب «داعش» وتمترسه في مواقع أكثر تحصيناً في الرقة والعراق، يأتي التقدم الجديد للتنظيم لينفي نيته التخلّي بشكل كامل عن مناطق نفوذه، وهو ما علّق عليه مصدر ميداني بالقول إن «مسلحي التنظيم الأجانب هم مَن انسحبوا، ومَن يقاتل على الأرض هي الفصائل التي انصهرت بالتنظيم، وهم بمعظمهم من أبناء ريف حلب الشمالي»، موضحاً أن «التقدم الأخير للتنظيم يأتي لزيادة تحصين مواقع تمترس مسلحي التنظيم، وقد جاء بشكل أكبر مما يتوقعه مسلحو التنظيم أنفسهم». وعلى عكس «تمدّد داعش» الأخير نحو قرى وبلدات قريبة من الحدود مع تركيا، يأتي هذا التقدم نحو مدينة حلب نفسها، وبخطى معاكسة لأهداف التنظيم التي كانت تقضي بالسيطرة على المناطق الحدودية، وهو ما فسّره مصدر «جهادي» بأنه «ناجم عن متغيرات ميدانية»، حيث واجه التنظيم مقاومة شرسة على الحدود مع تركيا، ووجد الطريق مفتوحاً نحو حلب، في إشارة إلى أن التقدم الأخير للتنظيم جاء وفق توجيهات تركية تقضي بإبعاد «داعش» عن الحدود وزجّه بمواجهات مباشرة مع الجيش السوري قرب حلب. وبسيطرة «داعش» على مدرسة المشاة، يضيق الخناق على المسلحين التابعين لـ «الجبهة الشامية» داخل أحياء مدينة حلب، حيث يعتبر هذا الطريق من أبرز طرق الدعم والإمداد من الريف نحو مدينة حلب، قبل أن تسيطر القوات الكردية على حي الشيخ مقصود شمال حلب ويقطع طريق «كاستيللو»، الأمر الذي سيكون له تأثير كبير على المعارك داخل المدينة، الأمر الذي يعني أن جميع الفصائل المصنفة أميركياً بأنها «معتدلة» ستدخل نفقاً مظلماً، في وقت تتسابق فيه الفصائل «الجهادية» الكبرى («داعش»، «جبهة النصرة» و«أحرار الشام») على قضم مناطق الشمال، رغم تصنيف «أحرار الشام» كفصيل معتدل ذي جذور «قاعدية»، خصوصاً بعد انضمام كتائب من شرق آسيا إلى «جبهة النصرة»، وإرسال «النصرة» لـ «أمير إدلب» أحد أعمدة التشدد «أبو هاجر الحمصي»، وهو أسامة نمّور، إلى مدينة حلب وتوليته «إمارة حلب»، وانضمام فصائل عدة إلى «أحرار الشام»، ما يؤكد أن المنطقة مقبلة على صراع «جهادي» لمدّ النفوذ.