«المونيتور»: رغم الحرب المستعرة شبكات «وايرلس» تغطي حلب
كتب موقع «المونيتور» في تقرير له من حلب يقول: أمام متجره الذي دُمرت واجهته بفعل الغارات الجوّية يجلس أحمد (35 عاماً) على كرسي خشبي بانتظار زبائنه، ولقد كان مبحراً في الإنترنت عبر جواله الصغير لدرجة أنه لم ينتبه لوجودنا داخل المتجر. بادرنا بابتسامة خجولة وقال: "لقد أدمنا على الإنترنت.. ولم يعد بإمكاننا الابتعاد عنه".
هنا في حي المشهد، كما في معظم الأحياء الخاضعة لسيطرة الثوار من مدينة حلب باتت تنتشر شبكات «الوايرلس» بشكل واسع لتغطي أجزاءً واسعة من الحي، فتجد أثناء تجوالك في مختلف أحياء المدينة اسماء عشرات الشبكات المتاحة على جهازك الجوال. ويتابع أحمد التطورات والأخبار الميدانية في سوريا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، كما يتلقى الرسائل من أصدقائه وأقاربه عبر برنامج الـ«واتس آب»، ويقول لـ«المونيتور»: "نحن الآن بحاجة للإنترنت أكثر من أي وقت مضى، فبدونه لا استطيع معرفة الأخبار من حولي (..) كما بات ضرورياً للتواصل مع العائلة والأصدقاء، بسبب نزوح كل منهم إلى أراض بعيدة، وإنّ الإنترنت الوسيلة الأفضل والأسرع للبقاء على اتصال معهم". إن أجور الاشتراك بشبكات الـ«وايرلس» هذه مقبولة بالنسبة لمعظم السكان (3 دولار لكل 1 جيغا بايت)، الأمر الذي أسهم في زيادة انتشارها ورواجها، ويقول محمد بدوي لـ«المونيتور» وهو موزع انترنت في حي الميسر: "تأتينا يومياً طلبات لتغطية أماكن جديدة بأبراج شبكة الـ«وايرلس»، فإن الأهالي هنا يقبلون على الاشتراك بشبكات الـ«وايرلس» كون أجور الاشتراك فيها مناسبة لمعظم الناس، وهي أرخص من غير الوسائل التي تشهد انقطاعات متكررة، على سبيل المثال فإنّ اشتراك 1 جيغا بايت على خطوط SYRIATEL 3G يكلف 1500 ليرة ما يساوي 5.5 دولار". وتبدو شبكات الـ«وايرلس» التي تنتشر مؤخرًا الأكثر استقرارًا من بين الوسائل المتاحة للولوج إلى الانترنت في مناطق سيطرة الثوار بحلب، لأنها تعتمد على الانترنت التركي الذي يتم نقله لاسلكياً إلى الشمال السوري. إذ أنّ أجهزة الانترنت الفضائي ((Tooway– Astra Connect .. وغيرها تشهد انقطاعات وبطئً شديداً في الاتصال شمال سوريا بسبب زيادة الضغط عليها، كما أن النظام قام بقطع خطوط الإنترنت السلكية (DSL) عن مناطق سيطرة المعارضة في حلب منذ دخول الجيش الحر إليها أواخر تموز/يوليو 2012، بالإضافة إلى أنه لا وجود لتغطية شبكتي الموبايل (MTN – SYRIATEL) الوحيدتين في البلاد باستثناء الأحياء القريبة من مناطق سيطرة النظام. وإنّ أكثر المستفيدين من شبكات الـ«وايرلس» هو مؤسسات المعارضة كالمجالس المحلية والهيئات الإغاثية بالإضافة إلى المكاتب الإعلامية والصحفيين المستقلين، ويقول صفوان الحلبي لـ«المونيتور»، وهو صحفي يعمل في إذاعة «صوت راية» إن: "الإنترنت كان وسيلتنا لإيصال حقيقة ما يجري في سوريا، وكنا بحاجة لاستخدام برامج تشفير الاتصال (VPN) حتى نتفادى رقابة أجهزة الأمن التابعة للنظام.. أما الآن فلسنا بحاجة لذلك، ونعمل على الإنترنت بكل أريحية من خلال شبكات الـ«وايرلس» ذات الإنترنت التركي، وهي بديل جيد عن أجهزة الإنترنت الفضائي ذات التكاليف المرتفعة جداً". وكان مشروع «هوا نت» الذي انطلق في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2014 برعاية الحكومة السورية المؤقتة أول مشروع لإنترنت لاسلكي في مناطق سيطرة المعارضة، لتتبعه لاحقاً العديد من المشاريع الخاصة التي تعتمد على نقل الإنترنت لاسلكياً من تركيا إلى الداخل السوري من ثم نشره عبر شبكات الـ«وايرلس» على الأحياء والبلدات. "كانت الفكرة لإدخال انترنت بديل عما يتحكم بقطعه به النظام ويراقبه" يقول محمود رؤوف مهندس الاتصالات في مشروع «هوا نت» بحلب ويضيف في حديثه لـ«المونيتور»: "الآن هنالك عشرات المشاريع المشابهة لمشروعنا، الأمر الذي خلق نوعاً من المنافسة في سرعة الاتصال وأجور الاشتراك". وتضيف ظروف الحرب التي تمرّ بها البلاد أعباءً إضافية لتوصيل الإنترنت إلى حلب، وفي هذا السياق يقول رؤوف: "تعرّضت أبراج الشبكة للقصف عدة مرات الأمر الذي يحملنا تكاليف إضافية ويؤدي لانقطاع الانترنت أحيانًا. كما أن التلال والجبال المرتفعة الضرورية من أجل أبراج الاتصالات اللاسلكية هي في الغالب إما مناطق اشتباك أو تحت سيطرة النظام، وفي حال توفرها فإنها تسمح لنا بتغطية مناطق واسعة بالشبكة". يبدو انتشار شبكات الإنترنت في مناطق سيطرة المعارضة أمرًا غير اعتيادي في ظل الحرب المشتعلة في البلاد، أما الآن فيراها السكان ضرورة ملحة للبقاء على اتصال مع العالم، في ظل غياب شبه كامل لوسائل الاتصال الأخرى.