إسقاط الطائرة الحربية الروسية ... تهديد لعلاقات اقتصادية بقيمة 44 مليار دولار
يشكل إسقاط الطائرة الحربية الروسية في سوريا من قبل تركيا، تهديدا خطيرا على العلاقات الاقتصادية بين موسكو وأنقرة، ويضع علاقات ثنائية تقدر بنحو 44 مليار دولار على المحك.
وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إسقاط القاذفة الروسية "سو-24" في سوريا بـ "طعنة في الظهر من قبل المتواطئين مع الإرهاب"، والتي تهدد بقطيعة العلاقات الاقتصادية بين روسيا وتركيا، وليس فقط تؤثر سلبا على تطور العلاقات الثنائية في المستقبل.
فمن الواضح أن صناعة السياحة في خطر، خاصة بعد توصيات السلطات الروسية للحد من سفر الرعايا الروس إلى تركيا، ومن الصعب التكهن بتدابير أخرى. وقال مصدران في الحكومة الروسية أن هذه المسألة تبحث على مستوى الرئاسة الروسية.
ولكن رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف أعلن يوم الأربعاء 25 نوفمبر/تشرين الثاني، أن إسقاط تركيا للطائرة الروسية قد يؤدي إلى إلغاء بعض المشروعات المشتركة المهمة بين البلدين، منوها إلى أن الشركات التركية قد تخسر حصتها في السوق الروسية.
وعلى المحك علاقات بنحو 44 مليار دولار، حيث أن قيمة التبادل التجاري للبضائع تتجاوز الـ 30 مليار دولار سنويا، يضاف إليها استثمارات متبادلة متراكمة بأكثر من ملياري دولار.
وتعد تركيا أكبر خامس شريك تجاري لروسيا بحصة تبلغ 4.6% من إجمالي التجارة الخارجية الروسية، وذلك بحسب بيانات إدارة الجمارك الروسية للفترة ما بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول من العام الحالي، وتأتي تركيا في هذا المركز بعد الصين، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا.
وبلغ التبادل التجاري بين موسكو وأنقرة في العام الماضي 31 مليار دولار، ووصل إلى 18.1 مليار دولار للأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، منها 15 مليار دولار هي صادرات روسيا إلى تركيا التي تشكل واردات الطاقة حصة الأسد فيها، حيث تقوم روسيا بتلبية أكثر من نصف احتياجات الغاز في تركيا.
وبعد الأخذ بعين الاعتبار "تجارة الخدمات" فإن مؤشر التبادل التجاري الكلي (بضائع وخدمات) بلغ في عام 2014 ما يقارب 44 مليار دولار.
وخلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى روسيا قبل شهرين، أكد خلالها أن أنقرة وموسكو يسعيان إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينهما بحلول عام 2023 إلى 100 مليار دولار، ولم يظهر هذا الهدف على أنه مبالغ به خاصة بعدما قدمت أنقرة نفسها كشريك اقتصادي واعد، وذلك بعد رفضها الانضمام إلى الدول الغربية التي فرضت عقوبات ضد روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية.
بعد توصيات اتحاد السياحة الروسي، قررت كبرى شركات السياحة الروسية وقف بيع الرحلات السياحية إلى تركيا، الأمر الذي سيكبد أنقرة خسائر جسيمة، حيث أن السياحة في تركيا تعد أحد ركائز الاقتصاد التي تدر على البلاد بمليارات الدولارات.
وبلغ عدد السياح الروس الذين قصدوا تركيا بهدف السياحة في عام 2014 نحو 4.38 مليون شخص، وذلك من أصل 42 مليون سائح، أدخلوا ما يقارب 36 مليار دولار إلى الاقتصاد التركي.
ويأتي السياح الروس بالنسبة لتركيا في المرتبة الثانية بعد ألمانيا التي صدرت نحو 5.4 مليون سائح العام الماضي.
هل ستكون محطة "أك كويو" النووية أولى خسائر تركيا بعد إسقاطها للطائرة الحربية الروسية؟
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن روسيا ستنظر بشكل دقيق في جميع المشاريع المشتركة مع تركيا، بما فيها مشروع محطة "أك كويو" أول مشروع محطة نووية في تركيا، الذي يتضمن بناء 4 مفاعلات بقدرة 1200 ميغاوات.
ويرى محللون اقتصاديون أن إسقاط الطائرة الروسية يهدد العلاقات الثنائية بين البلدين ويجعل مصير مشروع نقل الغاز الروسي إلى تركيا "السيل التركي" مجهولا.
وأشار إلى أن إيقاف تنفيذ مشروع "السيل التركي" الهادف لنقل الغاز الروسي إلى تركيا ومنها إلى أوروبا حيث من المتوقع أن تبلغ القدرة التمريرية نحو 63 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، يمكن أن يقوض مساعي تركيا في التحول إلى مركز إقليمي لتوزيع الطاقة.