تعزيزات متبادلة وتهويل متعاظم: «شعرة معاوية» لا تزال قائمة
تصاعَد التوتّر الروسي - الأميركي بشكل لافت، خلال اليومَين الأخيرَين، وسط غياب أيّ مؤشّرات ميدانية فعلية إلى قرْب المواجهة بين الجانبَين على الأراضي السورية. وظَهر هذا التصعيد، بعد ورود عدّة تقارير نشرتها وزارة الدفاع الروسية عبر مركزها للمصالحة في سوريا، اتهمت فيها الجانب الأميركي بارتكاب انتهاكات متكرّرة فوق الأراضي السورية، ردّت عليها واشنطن بالأسلوب ذاته، عبر تصريحات إعلامية، أكّد فيها مسؤولون أميركيون أنهم «يدرسون خيارات عسكرية للرّد على العدوان الروسي المتزايد في سوريا». ورفض مسؤول أميركي، في تصريحات إعلامية، الإفصاح عن خيارات الرّد بالتفصيل.
وبعدها بساعات، عادت وسائل إعلام أميركية لنشر تصريحات نقلاً عن مسؤول دفاعي كبير قال إن «طائرة استطلاع روسية حلّقت، صباح الجمعة، فوق قاعدة أميركية في سوريا لمدّة طويلة، من دون أن تتمكّن القوات الأميركية من اعتراضها». وأوضح المسؤول، في حديث إلى شبكة «سي إن إن»، أن «الطائرة من طراز "أنتونوف إن - 30"، حلّقت ذهاباً وإياباً عدّة مرّات فوق قاعدة التنف والمنطقة المحيطة»، وأن «الروس يواصلون القيام بأنشطة تثير قلقنا البالغ»، مبيّناً أنه «تمّ توجيه احتجاج شديد إلى روسيا عبر خطّ منع الصدام الذي تم إنشاؤه في سوريا». وفي الإطار نفسه، كشفت شبكة «7 نيوز» الأميركية، أن «2500 عسكري أميركي من الفرقة الجبلية العاشرة في طريقهم إلى سوريا والعراق». ونقلت عن قائد الوحدة، مات برامان، قوله إن «هؤلاء الجنود سيكونون جزءاً من عملية العزم الصلب التابعة للتحالف الأميركي في المنطقة»، مضيفاً أنهم قد يحلّون محلّ القوات الموجودة حالياً.
من جهتها، سارعت روسيا للردّ على التصريحات الأميركية، من خلال إصدار بيانَين صحافيَّين خلال أقلّ من 24 ساعة، نقلاً عن «مركز المصالحة الروسي» في سوريا، أكدت فيهما بشكل منفصل، أن «الطائرات من دون طيار التابعة للتحالف الأميركي، ارتكبت 13 انتهاكاً مساء الجمعة، و14 انتهاكاً يوم السبت، وخرقت بروتوكولات عدم التضارب في سماء سوريا».
وترافق التصعيد الإعلامي، مع تحرّكات ميدانية على الأرض، من خلال إرسال الأميركيين دفعتَين من الأسلحة والمعدّات إلى قاعدتَي «العمر» و«كونيكو» في ريف دير الزور، وتزويدهما بمزيد من بالونات المراقبة، بالإضافة إلى تركيب منظومة «هيمارس». كما أرسلت «قسد»، وبطلب من الولايات المتحدة، تعزيزات عسكرية من «جيش الثوار» و«الصناديد» إلى ريفَي دير الزور الشمالي والشرقي، بهدف تعزيز مواقعها في المنطقة. وقالت مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، إن «الولايات المتحدة أبلغت قسد بضرورة تعزيز قواتها، لوجود احتمالية حصول هجوم سوري - روسي مشترك في المنطقة»، مشيرة إلى أنها «أخطرت أيضاً جيش سوريا الحرة بضرورة تحصين مواقعه، بسبب وجود خطر ميداني مصدره المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في محيط منطقة الـ55 كيلومتراً». واعتبرت المصادر أنه «لا مؤشرات ميدانية حتى الآن إلى أيّ صدام عسكري في المنطقة»، متوقعةً أن «كلا الطرفَين الأميركي والروسي لا يرغبان في تصعيد ميداني خطير، سواء في التنف أو على ضفاف نهر الفرات في دير الزور».
ترافق التصعيد الإعلامي، مع تحرّكات ميدانية على الأرض، من خلال إرسال الأميركيين دفعتَين من الأسلحة والمعدّات إلى قاعدتَي «العمر» و«كونيكو»
وفي المقابل، نفّذ «الدفاع الوطني» في دير الزور، بحضور عدد من الضباط الروس وشيوخ ووجهاء المحافظة، عرضاً عسكرياً في ريف البوكمال، على بعد أقلّ من كيلومتر واحد من مناطق سيطرة «قسد»، بهدف التأكّد من الجاهزية القتالية، لمواجهة أيّ هجوم من القوات الأميركية والقوات الموالية لها على المدينة. وتوازى العرض العسكري، مع دفع القوات الرديفة للجيش السوري في دير الزور، بتعزيزات عسكرية على امتداد ضفّة نهر الفرات في مدينة البوكمال وبلدة العشارة، وصولاً إلى مدينة الميادين، كإجراءات احترازية لأيّ طارئ ميداني في المنطقة. وفي هذا السياق، نفى مصدر رسمي في دير الزور «وجود أيّ حالات نزوح من المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في دير الزور»، مؤكداً أن «المنطقة تعيش حياة اعتيادية، دون أيّ تغيير عن الفترات السابقة». ولفت المصدر إلى أن «المنطقة تتعرّض لحملة إعلامية واضحة، هدفها دفْع الأهالي لترك منازلهم وبلداتهم وقراهم»، مشيراً إلى أن «الحملة تمّت مواجهتها بعدم انجرار الأهالي وراء الشائعات، والحفاظ على تواجدهم في بيوتهم». ورأى المصدر أن «الاحتلال الأميركي يقوم يومياً بنهب وسرقة النفط السوري، ولا يحظى بأيّ تأييد شعبي في المنطقة»، لافتاً إلى أن «المقاومة الشعبية ستتواصل، إلى حين تحقيق هدفها في طرد الاحتلال من كامل الأراضي السورية، واستعادة السيادة الوطنية على كامل جغرافية الوطن».