واشنطن تسحب قواتها من شمال سوريا ودمشق تنشر جيشها على الحدود التركية بالاتفاق مع الأكراد
أعلنت الولايات المتحدة أنها تستعد لسحب ما تبقى من قواتها في شمال سوريا والذين يقدر عددهم بنحو ألف جندي. ويأتي ذلك في وقت توصل فيه الجيش السوري إلى اتفاق مع الأكراد لإعادة الانتشار على طول الحدود مع تركيا. وهذا قد يرفع من احتمال مواجهة مباشرة بين الجيش السوري والقوات التركية التي تحاول القضاء على وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها منظمة إرهابية والتي تلاحقها في شمال سوريا. أعلنت الولايات المتحدة الأحد أنها تستعد لسحب نحو ألف جندي أمريكي من شمال سوريا بعدما علمت أن تركيا تعتزم توسيع هجومها، بينما أبرم الجيش السوري اتفاقا مع المقاتلين الأكراد لينتشر على طول الحدود مع تركيا في انتصارين كبيرين للرئيس السوري بشار الأسد. وتعكس التطورات انحسار نفوذ واشنطن على الأحداث في سوريا وفشل السياسة الأمريكية المتمثلة في منع الأسد من إعادة تأكيد سلطة الدولة على المناطق التي خسرتها خلال النزاع المستمر منذ أكثر من ثماني سنوات مع مقاتلي المعارضة الذين يحاولون إنهاء حكمه. وفي الوقت الذي يُبعد فيه الانسحاب الأمريكي القوات الأمريكية عن خط النار، فإن عودة الجنود السوريين إلى الحدود التركية تفتح الباب أمام احتمال اندلاع مواجهة أوسع إذا دخل الجيش السوري في نزاع مباشر مع القوات التركية. ولقد أثار الهجوم التركي في شمال سوريا أيضا احتمال هروب مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية"، وكذلك عائلاتهم، الذين تحتجزهم القوات الكردية التي تستهدفها تركيا. وثمة تقارير عن فرار العشرات منهم مما قد يؤدي إلى عودة ظهور التنظيم المتشدد. وتمثل التطورات انتصارات لروسيا وإيران اللتين دعمتا الأسد منذ عام 2011 عندما تحولت جهوده لسحق ما بدأت باحتجاجات سلمية على حكم عائلته المستمر منذ عقود في سوريا إلى حرب أهلية شاملة. وبدأ تطور الأحداث قبل أسبوع عندما قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب نحو 50 من قوات العمليات الخاصة من موقعَين في شمال سوريا في خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مهدت الطريق لتركيا لبدء غزوها المستمر منذ أسبوع ضد المقاتلين الأكراد في المنطقة. وتهدف تركيا إلى تحييد وحدات حماية الشعب الكردية التي تمثل العنصر الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد والتي كانت حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في تفكيك "الخلافة" التي أقامها متشددو تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا. وترى تركيا أن وحدات حماية الشعب الكردية منظمة إرهابية متحالفة مع "المتمردين" الأكراد في تركيا. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال الأحد إن الهجوم سيمتد من كوباني (عين العرب) في الغرب إلى الحسكة في الشرق ويمتد بعمق نحو 30 كيلومترا في الأراضي السورية وتخضع الآن مدينة رأس العين لسيطرة تركيا. وقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر إن الولايات المتحدة قررت سحب نحو ألف جندي في شمال سوريا وقال مسؤولان أمريكيان لرويترز إن الولايات المتحدة قد تسحب معظم قواتها خلال أيام بعدما علمت بتوسع الهجوم التركي. ولم يتضح ما الذي سيحدث لعدة مئات من الجنود الأمريكيين في الموقع العسكري الأمريكي في التنف قرب الحدود الجنوبية لسوريا مع العراق والأردن. وأوضح إسبر أن سببا آخر لهذا القرار الأمريكي يعود إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، حليفة واشنطن، تتطلع إلى إبرام اتفاق مع روسيا وسوريا للتصدي للهجوم التركي. وبعد ساعات قالت الإدارة التي يقودها الأكراد إنها أبرمت اتفاقا مع الجيش السوري للانتشار على طول الحدود مع تركيا للمساعدة في التصدي لهجوم أنقرة. وأضافت أن انتشار الجيش سيدعم قوات سوريا الديمقراطية في التصدي "لهذا العدوان وتحرير الأراضي التي دخلها الجيش التركي والمرتزقة" وذلك في إشارة إلى قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا. وقالت في بيان إن ذلك سيسمح أيضا بتحرير المدن السورية الأخرى التي احتلها الجيش التركي مثل عفرين. وطرد الجيش التركي وحلفاؤه من مقاتلي المعارضة السورية المقاتلين الأكراد من عفرين في 2018. وأثارت العملية العسكرية قلقا دوليا بشأن عدم قدرة قوات سوريا الديمقراطية على احتجاز آلاف الجهاديين في أحد السجون وعشرات الآلاف من أسرهم في مخيمات. وقالت الإدارة التي يقودها الأكراد في المنطقة إن 785 أجنبيا من المنتمين إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" فروا هذا الأسبوع من مخيم عين عيسى لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان نقل عن مصادر في المخيم قولها إن نحو مئة شخص فروا. ونفى أردوغان التقارير وقال لوكالة الأناضول التركية للأنباء إن روايات فرار سجناء تنظيم "الدولة الإسلامية" "معلومات مضللة" تهدف إلى استفزاز الغرب.