مع مرور خمسة أعوام على الأزمة السورية، تعود الذاكرة لمشاهد الحرب التي امتدت آثارها إلى جميع أنحاء العالم، هذا فضلاً عن عدد الضحايا والدمار الذي لحق بالبلاد.
على وقعِ كارثةٍ إنسانية غيرِ مسبوقة ودمارٍ هائلٍ غيَّرَ ملامحَ البلاد، تدخلُ الأزمةُ السوريةُ عامَها السادس.. أزمة انطلقت شراراتُها من تظاهراتِ درعا عام ألفين وأحد عشر لتنتقل إلى حربٍ ومواجهاتٍ عسكرية..
في المشهدِ الميداني..
وبعدَ خمسِ سنواتٍ من القتالِ المتواصل أفرزَت المواجهةُ خريطةً جديدةً تتوزعُ مناطقُ النفوذ فيها على النحوِ الآتي:
الجيشُ السوري يسيطرُ على معظمِ المدن الرئيسة بخاصةٍ دمشق وحمص وحماة وطرطوس واللاذقية والسويداء ودرعا بالإضافةِ إلى أجزاءٍ واسعةٍ من مدينةِ حلب وريفِها وعلى أجزاءٍ من محافظةِ دير الزور.. فيما يمتدُ نفوذُ الأكرادِ على أجزاءٍ واسعة من القامشلي والحسكة وصولا إلى ريفيِ الرقة وحلب.. ويسيطرُ جيشَ الفتح الذي يتشكلُ من جبهةِ النصرة جناحَ القاعدةِ في سوريا وتنظيماتٍ إسلامية متشددة على محافظةِ إدلب بشكلٍ شبه كامل.. في ظلِّ وجودٍ لما يُسمى أحرارَ الشام وجيشَ الإسلام الذي ينتشرُ في غوطة دمشق أيضا.. فيما يفرضُ تنظيمُ داعشَ الإرهابي سيطرَتَهُ على محافظةِ الرقة.. وهناكَ وجودٌ له بشكلٍ كبيرٍ في ريفِ حلب ودير الزور وصولاً إلى ريف حمص، خاصة في تدمر والقريتين..
وعلى وقعِ تغيرِ خريطةِ الميدان السوري.. شهدَت الأزمةُ حراكاً وزخماً دبلوماسياً واسعاً بدأ في بيانِ جنيف الأول وجنيف الثاني.. مروراً بمشاوراتِ موسكو الأولى والثانية التي مهدَت وفقَ كثيرين لعقدِ مفاوضاتٍ بين الأطرافِ الدولية في العاصمةِ النمساوية فيينا حيث اُتفقَ على نقاطٍ عدة تم تبنيها ضمنَ قرارِ مجلس الأمن رقم ألفينِ ومئتين وأربعة وخمسين.. وأبرزُ نقاطِه: -الشعبُ السوري هو من سيقررُ مستقبلَ سوريا - إقامةُ حكم ذي صدقية يشمل الجميع ولا يقومُ على الطائفية في غضون ستةِ أشهر - إجراءُ انتخاباتٍ في غضون ثمانيةَ عشرَ شهراً تحت إشرافِ الأمم المتحدة - ضرورةُ وقفِ إطلاق النار فورَ بدءِ العملية السياسية، وإيصالُ المساعداتِ الإنسانيةِ إلى محتاجيها - عقدُ مفاوضاتٍ بين الحكومةِ السورية والمعارضة وهو الأمر الذي تحقق في مفاوضاتِ جنيف ثلاثة.
في الملف الإنساني..
المشهدُ قاتمٌ جداً.. فوفقَ آخرِ تقاريرِ الأمم المتحدة أدى القتالُ على الأرضِ السوريةِ إلى مآس كثيرة منها: - مقتلُ مئتين وخمسينَ ألف شخص على الأقل وإصابةُ وجرحُ قرابةِ مليونِ شخصٍ آخرين - لجوءُ نحوِ خمسةِ ملايينِ شخص إلى خارج سوريا - نزوحُ أكثرَ من سبعةِ ملايين داخل سوريا - تدميرُ أو تضررُ نحوَ مليونٍ ومئتي ألف منزل - تدميرُ أو تضررُ نحو سبعةٍ وخمسين في المئة من المستشفياتِ والمراكز الطبية - تدميرُ أو تضررُ أو سرقةُ نحو تسعِمئةِ موقعٍ أثري بشكلٍ كبير.
ما بين لهيب الميدان وحوار الساسة، يخيم الضباب على نافذة الحل السياسي لأزمة طال أمدها بيد أنه ومع كلِ جولة مفاوضات، يجدد السوريون أملهم في اجتثاثِ النزاع من جذوره..