الجيش السوري يقترب من فك حصار نُبُّل والزهراء... وحلب قد تفاجئ العملية السياسية
دخل السباق بين جنيف وحلب مرحلة حاسمة سيقرّرها شهر شباط الحالي، حيث بلغ تقدّم الجيش السوري أطراف بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين مع تقدّمه النوعي في حريدتين، بريف حلب الشمالي من جهة باشكوي، وباتت كليومترات معدودة تفصله عن البلدتين اللتين تضمّان آلاف المقاتلين، ما يعني تدفق جسم عسكريّ وازن نحو حلب من جهة، وقطع طريق الإمداد عن الجماعات المسلحة داخل مدينة حلب بقطع التواصل بينها وبين مارع والباب والحدود التركية.
وفي المقابل يترنّح جنيف ويواجه خطر الانهيار وفقاً لتوصيف المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي لم تنفع حركاته البهلوانية، بالحديث عن مشاورات تمهيداً لمباحثات تستبق المحادثات وصولاً للمفاوضات، في التعمية عن الأمر الجوهري الذي يفترض أنّ أولى مسؤولياته قبل توجيه الدعوات لحضور لقاءات جنيف هي أن يضمن تطابقاً بين نص القرار 2254 وشكل الوفد المعارض الذي يفترض أن يضمّ جميع شرائح وفئات المعارضة، وهذا ما لا يحققه الوفد الممثل لجماعة الرياض بغياب الفريق الكردي الذي قاتل «داعش» خلال سنة ماضية وحيداً، وهو لجان الحماية الكردية التي يتزعّمها صالح مسلم الذي تقول موسكو إنْ لا مفاوضات دون حضوره ومشاركته، وفي المقابل تلكأ دي ميستورا في مهمته الأشدّ خطورة التي يتوقف عليها تحديد وقف للنار وإفراج عن المعتقلين وهي، إنهاء تصنيف مجمع عليه للتنظيمات الإرهابية، لاستثنائها من كلّ مفردات العملية السياسية، بينما أدّى تهاونه في مسؤولياته لبلوغ طاولة جنيف بوفد يضمّ ممثلين لتنظيمات وتشكيلات إرهابية كـ»جيش الإسلام» و»أحرار الشام»، وغياب المكوّن الكردي، ولجوء دي ميستورا للتعمية على أسماء الوفد الممثل للمعارضة، الذي أصرّ الوفد السوري الرسمي على عدم القبول باعتبار المفاوضات التي نص عليها القرار 2254 قد بدأت ما لم يتسلّم لائحة اسمية بوفد المعارضة المعتمد من الأمم المتحدة، بوصفه وفداً مطابقاً للقرار الأممي، فلم يجد دي ميستورا سوى العودة للنواح والبكاء، مستنجداً بوزيرَي الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري اللذين سيلتقيان الجمعة لمنح مهمة دي ميستورا جرعة دعم، بانتظار انعقاد لقاء ميونيخ الذي دعت إليه موسكو، التي تحدّث نائب وزير خارجيتها غينادي غاتيلوف عن التمسك بعدم قبول تمثيل الإرهاب على طاولة الحوار، وبرفض استبعاد الأكراد.
بين ترنّح جنيف والسباق إلى حلب، تعيش مكوّنات جماعة الرياض أسوأ أيامها، بعدما صار ثابتاً لديها أنّ التفاهم الأميركي الروسي على سورية يقودها الرئيس بشار الأسد كموقع محوري في الحرب على الإرهاب، يجعل حوارات جنيف إطاراً محكوماً سلفاً بمخرجات مطلوب منها وظيفياً تخديم هذه الخلاصة، وتوفير التغطية التي يحتاجها الغرب بإعلان إقفال الملف السوري، لتطبيع العلاقات مع الدولة السورية بذريعة وجود حكومة تضمّ ممثلين للمعارضة، بعد عملية سياسية أنتجت حلاً يُعفي الغرب من الجواب عن سؤال حول مصير ما سبق وقاله عن لا شرعية الدولة ورئيسها.