هل تنتظر إسرائيل عملية لـداعش... للتدخل المباشر في سوريا؟
كان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتيناهو، واضحاً في تقديراته حول مستقبل سوريا، في حديثه مع شبكة «سي ان ان» الاميركية، على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي في سويسرا. عبّر عن صعوبة التقدير بإمكان عودة سوريا موحدة من جديد، ولمح الى امكان تقسيمها.
يثير تصريحه، بطبيعة الحال، تساؤلات إن كان تقديره مبنياً على توصيف للوضع السوري ومآلاته، بناء على المعطيات المادية القائمة والكامنة فيه، ام انه نتيجة تخطيط ما، تعمل اسرائيل بمعية شركائها على تحقيقه، ممن سماهم نتنياهو بالحلفاء من «الدول العربية المعتدلة». صحيح ان الظروف القائمة حالياً في سوريا، وتحديداً المصلحة الروسية ووجودها العسكري المباشر في هذا البلد، لا يسمح بتدخل مباشر لأعداء سوريا وتحديداً إسرائيل، بهدف تحقيق مخططات تقسيمية، قد يرى «الاعتدال العربي» واسرائيل انه جزء لا يتجزأ من مصالحهم، الا ان «تقدير» نتنياهو، غير المتناسب مع المعطيات الميدانية، ومعطوفاً على ما ورد في التقدير الاستراتيجي لمعهد ابحاث الامن القومي في تل ابيب حول جنوب سوريا وضرورة منع الحكومة السورية من الهيمنة عليه، وأيضاً تمكين «المعارضة المعتدلة» من السيطرة في هذه المنطقة، يطرح جملة تساؤلات حول المخططات الاسرائيلية، لمنطقة تعدّ اسرائيلياً مجالاً حيوياً استراتيجياً، لا جدال بأنّ تل ابيب معنية بتشكيله وبلورته وفقاً لمصالحها. الا ان التعذر عن السيطرة، وإن بصورة غير مباشرة عبر «المعارضة المعتدلة» على جنوب سوريا، ومصلحة منع الجيش السوري من السيطرة عليها، كما يرد في توصيات المعهد، لا يمنع اسرائيل من ترقب الفرص التي تمكن من تحقيق ذلك. كلمة رئيس اركان الجيش الاسرائيلي، غادي ايزنكوت، وحديثه في الخطاب الذي القاه ايضا في المعهد الاثنين الماضي، حول امكان ان ينفذ تنظيم «داعش» بعد اخفاقاته في سوريا والعراق، عملية عسكرية ضد اسرائيل بالقرب من الحدود في الجولان، يأتي ايضاً في سياق التقديرات الاسرائيلية، ولا يبعد ان يكون جزءا من الفرص الكامنة في تحرك مقدر لداعش، وربما ايضاً مأمول، لوضع إسرائيل أمام خيارات قد تحمل امكانات تدخل في سوريا، هي الآن متعذرة الإمكان بصورة مباشرة.
في إطار ذلك، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن محاكاة، نفذت على هامش مؤتمر معهد دراسات الامن القومي في تل ابيب، تناولت عملية عسكرية ينفذها «داعش» بالقرب من الحدود في الجولان، التي قدر ايزنكوت ان امكاناتها باتت مرتفعة. خلاصة المحاكاة، تشير وجوب أن تتعامل إسرائيل مع العملية كفرصة، وان تعمد الى توجيه ضربات لـ«داعش» دون الاقتصار فقط على الحافة الامامية والمناطق القريبة من الحدود، بل أن يشمل تدخلها العسكري في اعقاب العملية، ايضاً إلى داخل العمق السوري. وبحسب المحاكاة، التحرك الإسرائيلي المضاد إلى ما وراء الحدود والإعداد لخيارات هجومية مسبقة، سيمثل ايضاً دائرة دفاع رئيسية للحليف الأردني، من خلال ابعاد «داعش» عن منطقة الحدود، سواء مع إسرائيل أو مع المملكة الأردنية. وسيناريو المحاكاة، ومكانه والجهة التي تنفذه (داعش) اضافة الى التوصية بضرورة ضرب المناطق في العمق السوري، هي بطبيعتها تتجاوز ضرورات الردّ المتناسب الهادف الى تحقيق الردع ومنع «داعش» من تكرار العمليات ضد اسرائيل، وتطرح تساؤلات إن كانت العملية المنتظرة، بحسب ايزنكوت، سيجري استغلالها لتحقيق المصالح الاسرائيلية ومسار الاستراتيجيا الواجب اتباعها لساحة الجنوب السوري (التي تحدث عنها معهد ابحاث الامن القومي في توصياته الاخيرة، وخلص الى ضرورة منع سيطرة الحكومة السورية، وداعش ايضاً، على هذه المنطقة، وتمكين «المعارضة المعتدلة»، بالاتفاق والتعاون مع السعودية وتركيا، للسيطرة عليها).
وللتذكير، أشارت توصيات المعهد الى الآتي: «... من أجل تحقيق الأهداف (في سوريا)، على إسرائيل تطوير أدوات جديدة وإبداعية وأكثر فعالية، وذلك عبر التعاون مع الحليف الاميركي وتركيا والمملكة العربية السعودية، لاقتلاع ايران من سوريا واستبدال الاسد... إذا جرى تقسيم سوريا، فإن الجهات السورية التي يمكن لإسرائيل أن تتعاون معها هي التنظيمات السنية المعتدلة والدول الداعمة لها، مثل السعودية ودول أخرى في الخليج، إضافة إلى الأردن وتركيا... ينبغي تشخيص ومحاولة بلورة مخطط أمني محدث في الجولان، سواء اذا تعلق ذلك باستمرار اتفاق فصل القوات القائم، أو وفقا لقواعد عمل مختلفة اخرى».