شكلت استعادة الجيش السوري لمناطق في جبلي التركمان والأكراد تطورا نوعيا على صعيد المعارك في ريف اللاذقية، من شأنها أن تغير قواعد اللعبة العسكرية في عموم المنطقة الغربية الشمالية.
الدعم الروسي الكبير للجيش السوري، الذي يتجاوز حدود الغطاء الجوي إلى مجالات أخرى، منها المعلومات العسكرية والاستخباراتية، سيؤدي في النهاية إلى تغيير في المعادلة الميدانية.
لكن الجيش لديه مهام كبيرة في هذه المنطقة، وليس ريف اللاذقية الشمالي سوى البداية، فأمامه جبهات أخرى أكثر صعوبة، خصوصا ريف حماة الشمالي ومحافظة إدلب، معقل الفصائل المسلحة الرئيسي، ولديه في الجنوب معارك كبيرة في محافظة درعا بعد الشيخ مسكين التي تأخر الحسم العسكري فيها.
وتشكل محافظة إدلب وريف حماة الشمالي أكثر مناطق الصراع صعوبة، بسبب الانتشار الكثيف للفصائل المسلحة، بما فيها جماعات إرهابية، منها "أحرار الشام"، و "جبهة النصرة"، و "أجناد الشام"، ولا يتوقع أن يستعيد الجيش هذه المناطق بسهولة، فريف اللاذقية الشمالي الذي لا يوجد فيه انتشار كبير للفصائل لم تنته المعارك فيه بعد.
وفي جنوب البلاد الذي يشكل أهمية أقل مقارنة بالشمال الغربي، يسعى الجيش إلى استعادة معبر نصيب الحدودي مع الأردن ومناطق من مدينة درعا الخاضعة لسيطرة جماعات إرهابية، مستفيدا من رغبة الحكومة الأردنية في إبعاد مسلحي تلك الفصائل عن حدودها، وهذا هو السبب الذي دفع عمان قبل أشهر إلى إحباط محاولات الجبهة الجنوبية اختراق مدينة درعا.
وأمام الجيش أيضا تحرير المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش في ريف حلب الشرقي وريف حمص الجنوبي الشرقي والشرقي، ونجح الجيش في استعادة مناطق مهمة من ريف حلب الشرقي والشمالي مثل السيطرة على مطار كويرس العسكري، إلا أن أمامه معركة مدينة الباب، أحد معاقل تنظيم الدولة.
لكن معركة الريف الشرقي لحلب بالنسبة للجيش تبدو سهلة في ظل الضربات العسكرية الكثيرة التي يتلقاها داعش من مختلف الفرقاء (التحالف الدولي، روسيا، قوات سوريا الديمقراطية، وحدات حماية الشعب الكردي)، في حين يبقى ريف حمص الشرقي الأكثر صعوبة، حيث ما زال التنظيم مسيطرا على مدينة تدمر الأثرية ومحيطها، ومدينة القريتين غير البعيدة عن مدينة حمص.
وعلى الجيش استكمال مهامه في محيط دمشق، خصوصا في المناطق الغربية والشرقية.. لا سيما بعد وصول الأزمة الإنسانية لبعض البلدات إلى حدود مرعبة.
ومع ذلك لا يتوقع أن تشكل الأزمة الإنسانية مادة لتغيرات في المواقف الدولية تنعكس على المستويين السياسي والعسكري.
ولذلك تسعى الأمم المتحدة إلى حل هذه المشكلة، وبعيد اجتماع لمجلس الأمن قبل أيام رحب بدخول المساعدات، يتجه المجلس مجددا إلى عقد اجتماع طارئ بطلب فرنسي وبريطاني وأمريكي لبحث مسألة المناطق المحاصرة في سوريا.
وتعاني عدة مدن في سوريا من الحصار، وتتوزع على ثلاث مستويات:
1ـ مناطق محاصرة من قبل الجيش السوري: مضايا، بلدات في الغوطة الشرقية، مخيم اليرموك، والحولة وتلبيسة والرستن شمالي حمص.
ويقدر عدد سكان المناطق المحاصرة بشكل كامل بأكثر من مئتي ألف نسمة.
2ـ مناطق محاصرة من قبل الجماعات الإرهابية: كفريا والفوعة في محافظة إدلب، حيث يفرض "جيش الفتح" حصارا على البلدتين منذ عدة أشهر، ويبلغ عدد سكانهما نحو خمسة عشر ألف نسمة، والوضع الإنساني فيهما ليس صعبا بسبب دخول مساعدات إنسانية عبر الأمم المتحدة، فضلا عن إنزال الجيش السوري مساعدات جوا.
وهناك بلدتان في حلب محاصرتان من قبل جماعات إرهابية منها "النصرة"، هما نبل والزهراء، حيث يبلغ تعداد سكانهما نحو ستين ألف نسمة.
هذا بالإضافة إلى مناطق يحاصرها مسلحو تنظيم "داعش"، ومنها أحياء القصور والجورة ومنطقة الجمعيات في مدينة دير الزور ويعيش فيها أكثر من 100 ألف شخص.