قرار تشكيل تحالف عسكرى إسلامى جديد يتكون من 34 دولة، تقوده المملكة العربية السعودية، لمحاربة الإرهاب غير مفهوم وغير مبرر، ويحمل علامات استفهام كبيرة. قرار التحالف كان سريعا، ولم يستغرق تشكيله 72 ساعة، ويضم بين صفوفه دولا متهمة بدعم الإرهاب، مثل قطر وتركيا، وتحمل عداء كبيرا لمصر على سبيل المثال. أيضا لا يضم التحالف عمان والجزائر، ويمكن تفهم رفض الدولتين لأن قوانينهما تمنعان المشاركة فى أى تحالف خارج أراضيهما، لكن اللافت هو استبعاد إيران وسوريا والعراق من التحالف، ونسأل هل العراق على سبيل المثال ليست دولة إسلامية؟ وهل ما يحدث فى سوريا ليس ارهاباً ؟! وما مصير القوة العربية المشتركة؟ أسئلة كثيرة، ونقاط مبهمة تحتاج لتفسير عن السبب الحقيقى لتشكيل هذا التحالف الذى يضم دولا تتدخل فى شؤون دول إسلامية أخرى، وتأوى على أراضيها كل قيادات الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وتسخّر إمكانياتها المالية والاستخباراتية فى خدمتها، لهدم وتدمير الأوطان.
ونأتى إلى الأمر الذى يخصنا كمصريين، وهو انضمام مصر لتحالف يضم تركيا وقطر تحديدا، وهل من المقبول أن نجد جنديا مصريا يقف فى خندق يضم جنودا قطريين وأتراكا؟ وهل يأمن الجندي أو الضابط المصرى لهؤلاء الجنود والضباط القطريين والأتراك؟ وما آلية محاربة الإرهاب التى يتبناها التحالف؟ وبالتدقيق فى البيان الصادر بتشكيل الكيان الإسلامى الجديد، تكتشف أنه يحمل عبارات حاسمة عن ضرورة مواجهة الإرهاب، ويقول نصا: «تشكيل التحالف يأتى تأكيداً على مبادئ وأهداف ميثاق منظمة التعاون الإسلامى التى تدعو الدول الأعضاء إلى التعاون لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وترفض كل مبرر أو عذر للإرهاب، تحقيقاً للتكامل ورص الصفوف وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب الذى يهتك حرمة النفس المعصومة، ويهدد الأمن والسلام الإقليمى والدولى، ويشكل خطراً على المصالح الحيوية للأمة، ويخل بنظام التعايش فيها».
البيان تضمن أيضا التزام التحالف بالأحكام الواردة فى ميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامى والمواثيق الدولية الأخرى الرامية إلى القضاء على الإرهاب، وتأكيداً على حق الدول فى الدفاع عن النفس وفقاً لمقاصد ومبادئ القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، وانطلاقاً من أحكام اتفاقية منظمة التعاون الإسلامى لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره والقضاء على أهدافه ومسبباته، وأداءً لواجب حماية الأمة من شرور كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة أيا كان مذهبها وتسميتها. التى تعيث فى الأرض قتلاً وفساداً، وتهدف إلى ترويع الآمنين وبالمنطق ذاته هل تركيا وقطر ستلتزم بما جاء فى البيان الذى احتفت به وسائل الإعلام السعودية الرسمية، وماذا عن جماعة الإخوان الإرهابية التى تلقى كل الدعم والمساندة من الدوحة وأنقرة، للدرجة التى يضع فيها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إشارة رابعة فوق مكتبه، ودائم الهجوم ضد النظام المصرى، وما موقف التحالف من الأطماع التركية فى سوريا والعراق؟ اعتقد أن مصر تؤيد أى تحالف يحارب الإرهاب، ولكن لديها شكوك حقيقية فى نوايا الدول الأعضاء فى التحالف لمحاربة الإرهاب، فى ظل غياب الآليات والخطط التى سيتبناها التحالف الجديد لمحاربة الإرهاب، ولم يتطرق لها البيان، أيضا مخاوف من قلب الحقائق فى توصيف الحركات والتنظيمات من إرهابية إلى حركات سياسية معارضة مثل داعش وجماعة الإخوان وجبهة النصرة، وهنا ستكون كارثة حقيقية، حيث سيضفى غطاءً سياسيا شرعيا لهذه التنظيمات الإرهابية، ومن ثم نردد المقولة الشهيرة «كأنك يا أبو زيد ما غزيت»!!