دخلت الولايات المتحدة على خطّ الاشتباكات بين أبناء العشائر العربية و»قسد»، بحثاً عن مدخل للتهدئة، ووقف الاشتباكات، والوصول إلى صيغة تنهي الاشتباكات في المنطقة، وذلك بعد اقتراب المعارك من قاعدتَيها الأساسيتَين في دير الزور (كونيكو وحقل العمر). وفي هذا الإطار، أعلنت السفارة الأميركية في دمشق عن اجتماع «عُقد بين نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، إيثان غولدريتش، وقائد عملية العزم الصلب، جويل فويل، في شمال شرق سوريا، مع قوات الدفاع الديموقراطي (قسد) ومركز التنمية الديموقراطية (المجلس المدني)، وزعماء القبائل في دير الزور». وأشارت السفارة إلى أنه «تمّ الاتفاق على أهميّة معالجة مظالم سكان المنطقة، وبحْث مخاطر تدخُّل الغرباء في دير الزور، وضرورة تجنُّب الوفيات والخسائر بين المدنيين، وضرورة وقْف العنف في أسرع وقت ممكن».
وبعد الاجتماع، أصدر شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل، بياناً نفى فيه «حضوره أو أيّ ممثّل عنه» اللقاء، مؤكداً أنهم «يسعون إلى رفع الظلم عن أبناء عشائر دير الزور، وتحرير أرضنا، والوصول إلى قرار مستقلّ نستطيع عبره إدارة مناطقنا عسكرياً ومدنياً». وكشف البيان أنه «تمّ تشكيل لجنة للتفاوض وتمثيل أبناء القبائل في الاجتماعات مع التحالف، إذا حدثت مساعٍ جادّة للبحث عن حلول وتقديم ضمانات بحفظ سلامة أعضاء اللجنة ومنْع قسد من محاولة إرهابهم». وفي هذا المجال، أفادت مصادر أهلية، «الأخبار»، بأن «الاجتماع الذي عُقد في حقل العمر، لم يحضره العديد من مشايخ ووجهاء العشائر المهمّين»، إذ حرصت «قسد» على «حضور شخصيات موالية لها، لتقوية موقفها أمام التحالف». وأشارت المصادر إلى أن «قوات سوريا الديموقراطية أبلغت التحالف بأنها مستعدّة لتعيين شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، الهفل، رئيساً لمجلس دير الزور العسكري، مقابل تعهّده بوقف المعارك، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، قبل التطوّرات الأخيرة». وكشفت أن «مطالب المشايخ والوجهاء باتت واضحة، بضرورة انسحاب قسد من المنطقة، وإتاحة المجال أمام العشائر لإدارة المنطقة عسكريّاً ومدنيّاً من دون الارتباط بأيّ جهة كانت»، مبيّنةً أن «العشائر لم تُبدِ، إلى الآن، أيّ موقف مناوئ لواشنطن، على رغم انحيازها إلى قسد، من خلال تأكيدها على الشراكة معها في كلّ البيانات والمواقف الصادرة بخصوص الأحداث الجارية»، كما نفت «وجود أيّ ارتباط لمقاتلي العشائر مع أيّ جهات حكومية أو حتى مع فصائل المعارضة».
ويبدو أن الاجتماع الذي عَقده الأميركيون، لم يثمر التهدئة المطلوبة، وهو ما ظَهر جلياً في بيان صوتي لشيخ مشايخ قبيلة «العكيدات»، أكّد فيه أن «أيّ حديث عن هدنة مع قسد غير صحيح، والمعارك مستمرّة معها في كامل المنطقة». ومن جهتها، أكّدت «قسد»، عبر المركز الإعلامي التابع لها، أنه «تمّ منْح مهلة أخيرة للمسلّحين المتسلّلين إلى ذيبان والشيحل للاستسلام»، مشيرةً إلى أن قواتها «ماضية في الحسم وإعادة الاستقرار إلى المنطقة». وقال مدير المركز، فرهاد الشامي، إن «سبب التأخير في عمليات الملاحقة والتمشيط، هو تعمُّد المسلّحين نقل المعركة بين صفوف المدنيين، لجرّ قسد إلى معركة لا تريدها»، مشيراً إلى أن «قواتهم مشّطت بلدة البصرة بالكامل، ودخلت الشحيل وتعمل على تمشيطها، وتتّجه نحو الحسم في بلدة ذيبان». وبدورها، أكّدت مصادر عشائرية، لـ»الأخبار»، أن «حديث قسد عن خروج خمس قرى فقط عن سيطرتها غير صحيح»، مشيرة إلى أن «الخطّ الشرقي من ذيبان والسحيل ومروراً بالشعفة وهجين ووصولاً إلى الباغوز بات بيد أبناء العشائر»، لافتة إلى أن «المفاوضات لم تثمر عن أيّ جديد»، وأن «العشائر ستجتمع في مقرّ مشيخة العكيدات لتحديد المصير ومستقبل المعارك في المنطقة».
في غضون ذلك، تواصلت البيانات العشائرية المؤيّدة لأبناء العشائر والرافضة لحملة «قسد» الأمنية في ريف دير الزور، وهو ما ظهر في شيخ مشايخ «قبيلة الجبور في سوريا والوطن العربي»، الشيخ نواف عبد العزيز المسلط، الذي أعلن «النفير العام لكلّ قبائل الجبور في سوريا والعراق»، داعياً «كلّ أبناء العشائر وأبناء قبيلة الجبور المنضمّين إلى قسد، إلى الانسحاب منها فوراً»، مطالباً بـ»ضرورة فتْح الجبهات في الرقة والحسكة ضدّ قسد، لمؤازرة أهالي دير الزور وتخفيف الضغط عنهم». كما اعتبر أن «القضيّة باتت قضيّة كرامة، وكرامة العشائر لا يمكن المساس بها من أيّ جهة كانت».
واصلت فصائل «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا، فتْح المزيد من الجبهات ضدّ مناطق سيطرة «قسد»
كذلك، واصلت فصائل «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا، فتْح المزيد من الجبهات ضدّ مناطق سيطرة «قسد»، من خلال مهاجمة العديد من النقاط المشتركة لهذه الأخيرة وللجيش السوري في كلّ من أرياف الحسكة والرقة وحلب. وهاجم المسلّحون مواقع مشتركة للجانبَين المذكورَين في قرى الطويلة وتل طويل والخمسين والدشيشة، ما أدّى إلى مقتل ثلاثة جنود سوريين، بينهم ضابط، ومقتل وإصابة عدد من المسلّحين. وامتدّت الاشتباكات إلى قريتَي الطركي وصكيرو في ريف تل أبيض شمال الرقة، مع قطع الطريق الدولي «M4» لساعات، قبل أن يستعيد الجيش و»قسد» السيطرة على المنطقة. كما صدّت القوات السورية بمؤازرة من الطيران الروسي، هجوماً جديداً على خطوط التماس في ريف منبج، وتحديداً في قرى عرب حسن والمحسنلي، وسط معلومات مؤكّدة عن مقتل وإصابة عدد من المسلحين.