تصادم المصالح الأمريكية والتركية بسبب القضية الكردية
تناولت صحيفة "إيزفيستيا" إمكان مشاركة تركيا في الحرب ضد "داعش"، مشيرة إلى رفض أنقرة مشاركة الأكراد فيها.
جاء في مقال الصحيفة:
أعلن وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو عن استعداد أنقرة لإرسال قوات خاصة لمشاركة الأمريكيين في محاربة "داعش"، وفتح جبهة ثانية ضد التنظيم في شمال سوريا. في حين أن روسيا تعتقد أنه لا يمكن لتركيا القيام بعمليات برية في سوريا من دون تفويض من مجلس الأمن الدولي أو موافقة السلطات السورية. أما الخبراء فيفترضون أن الهدف الأساس للأتراك هو ضرب الأكراد وليس محاربة الإرهابيين، ويحذرون من أن يؤدي دخول القوات التركية إلى الأراضي السورية إلى وقوع اشتباكات بينها وبين القوات الروسية.
وقال وزير الخارجية التركي إن العسكريين الأتراك يمكنهم السيطرة على المناطق الواقعة جنوب جرابلس وإغلاق الحدود بالقرب من منبج، لمنع وصول الإمدادات إلى الإرهابيين من الخارج. والشرط الأساس – رفض الولايات المتحدة التعاون مع أكراد سوريا. لأن "حزب الاتحاد الديمقراطي"، بحسب اعتقاد أنقرة، يرتبط بـ"حزب العمال الكردستاني"، الذي يناضل من أجل استقلال كردستان التركية منذ ثلاثة عقود.
أي بحسب تشاووش أوغلو، تُفتح الجبهة الثانية من دون "حزب الاتحاد الديمقراطي".
بيد أن الولايات المتحدة لا تعُدُّ "حزب الاتحاد الديمقراطي" إرهابيا، وتتعاون مع مقاتليه في الحرب مع "داعش"، حيث كانت الطائرات الأمريكية ترمي لمقاتليه الأسلحة والذخائر خلال معركة كوباني (عين العرب).
وقد أدى نشر "وكالة الصحافة الفرنسية" صور القوات الخاصة الأمريكية مع "وحدات الحماية الكردية" إلى رد فعل عنيف من جانب أنقرة، التي اتهمت واشنطن بالنفاق.
ولعل ذلك كان أحد أسباب تأخير نشر راجمات "هيمارس" الصاروخية الأمريكية على امتداد الحدود التركية – السورية لدعم هجوم الفصائل الكردية على المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين.
لكن تشاووش أوغلو نفى ذلك، وأكد استعداد تركيا التام لنشر منظومات "هيمارس"، وأعلن أن أسباب التأخير تتحملها واشنطن. وهذا يعني أن هجوم الأكراد قد يؤجل إلى شهر أغسطس/آب على أقل تقدير.
ومن الواضح أن لأنقرة خطتها الخاصة لمحاربة "داعش". ففي البداية يجب على الولايات المتحدة التخلي عن التعاون مع الأكراد، وبعد ذلك تقوم التشكيلات العربية التي شكلت من المهاجرين، بدعم جوي ومدفعي، بتطهير المناطق الحدودية من الإرهابيين، تساندهم في ذلك القوات الخاصة لتركيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، ثم بعد ذلك يتم التوجه نحو الجنوب.
لكن روسيا ترفض رفضا قاطعا مشاركة تركيا في النزاع السوري؛ حيث صرح نائب وزير خارجيتها، ميخائيل بوغدانوف للصحافيين، بأنه يجب أن تكون هناك قرارات دولية من مجلس الأمن الدولي، أو اتفاق مع السلطات السورية؛ لأنه ليس لدى الأتراك ما يبرر تدخلهم في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة.
من جانبه، يدعو الباحث العلمي في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، فيكتور نادين- راييفسكي، إلى عدم تصديق مزاعم تركيا حول محاربة "داعش"، لأن ضربتهم الأساسية ستكون ضد أكراد العراق وسوريا. وقال إن علاقة أكراد سوريا بـ"حزب العمال الكردستاني" هي فقط من تخيلات السلطات التركية.
ولكن، وبحسب رأيه، لا توجد قوة بديلة عن الأكراد يمكنها محاربة "داعش" في شمال سوريا. والولايات المتحدة تدرك هذا.
كما يقول الخبير بالشؤون التركية مدير مركز الدراسات الشرقية والعلاقات الدولية والدبلوماسية العامة، فلاديمير أفاتكوف إن تركيا تستمر في انتهاج سياسة عثمانية جديدة، وتصر على تنفيذ خطتها في سوريا، ليس فقط ضد بشار الأسد وروسيا وإيران، بل وضد الولايات المتحدة أيضا.
ويضيف أفاتكوف أن تركيا تعدُّ نفسها قوة عالمية يمكنها التصرف كما تشاء. لذلك تحاول بكل السبل محاربة الأكراد وفرض نفوذها على المنطقة. والقيادة التركية مستعدة لعمل أي شيء لمنع قيام دولة كردية.
واستطرد الخبير أن الأتراك سيشاركون بنشاط في محاربة "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية، فقبل أيام، توغلت الدبابات التركية في الأراضي السورية، ولكن الأمريكيين بحاجة إلى الأكراد، ولن يرضخوا لشروط تركيا. وهذا سيكون اختبارا لصلابة الناتو.