نشرت صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي" نص مقابلة أجرتها مع سفير روسيا السابق لدى سوريا ألكسندر زوتوف بشأن الأوضاع السورية ومسار مفاوضات جنيف.
تحدث سفير روسيا السابق لدى سوريا ألكسندر زوتوف عن المستفيد من أن لا يحل السلام في سوريا، وعن الدور الذي تستطيع أن تلعبه روسيا والولايات المتحدة في هذه المسألة.
وفي هذا الصدد، يصل إلى موسكو في الأسبوع المقبل مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستيفان دي ميستورا، الذي ينوي لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لمناقشة نتائج الجولة الأخيرة لمفاوضات جنيف؛ حيث أدلى بتصريحات ديميستورا، بما في ذلك عن ظهور وثيقة نهائية حول الانتقال السياسي للسلطة في سوريا.
يقول السفير زوتوف: لا وجود لأي وثيقة بهذا الشأن. وأن دي ميستورا يجيء إلى موسكو طلبا للمساعدة.
وبحسب وجهة نظر السفير السابق، لا توجد أي وثائق عامة تعكس بشكل ما مستوى الاتفاقات بين الأطراف المعنية. كما أنه ليس هناك مفاوضات مباشرة بين هذه الأطراف. أي إن دي ميستورا يحاول حفز العملية بربط نقاط معينة، ثم طرحها على الأطراف لمناقشتها، وهذا لا يمكن اعتباره وثيقة. وعمليا، يطلب دي ميستورا من موسكو وواشنطن إنقاذه. لذلك يأتي الأسبوع المقبل إلى موسكو، لأنه، حسب اعتقادي، يعلم جيدا أنه من دون مبادرات جدية والضغط على الأطراف من جانب روسيا والولايات المتحدة لن يحصل أي تقدم في مسار المفاوضات.
وحول سؤال عن إعلان السلطات السورية عن استعدادها لإجراء إصلاحات سياسية، قال زوتوف: الجميع يتفق على ضرورة إجراء هذه الإصلاحات، لأنها مثبتة في الوثائق الأساسية التي تجري المفاوضات على أساسها (وثائق مؤتمري "جنيف-1" و"جنيف-2" واتفاق فيينا وقرار مجل الأمن الدولي)، التي تشكل قاعدة قانونية دولية للمرحلة الانتقالية وإجراء إصلاحات سياسية داخلية في سوريا.
ولكن هذه الإصلاحات تُفهم بصورة مختلفة:
فبالنسبة إلى دمشق، كما أعلن الرئيس الأسد، هي مسألة الانتقال تدريجيا إلى الدستور الجديد الذي يتم على أساسه إجراء انتخابات السلطات الجديدة. والمقصود أن يتم في المرحلة الانتقالية تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم ممثلين عن المعارضة وشخصيات مستقلة.
أما المعارضة، فتطالب باستقالة الأسد، وبعض ممثليها لا يكتفي بذلك، بل ويطالب بمحاكمته كمجرم.
وبالطبع، فإن هذه تصريحات إعلانية للجماهير لا أكثر. ولكنها تعكس تماما موقف السعودية التي أعلن وزير خارجيتها أن "التخلص من الأسد سيتم سلما أم حربا".
يضاف إلى ذلك عدم حل القضية الكردية؛ حيث إن الأكراد حاليا عامل فاعل في التسوية السورية، وهم يسيطرون على مساحة كبيرة تضم منطقة حدودية واسعة مع تركيا.
وقد أعلن دي ميستورا أنه سيحاول عكس موقف الأكراد في المفاوضات، علما أن السلطات السورية لا تمانع من مشاركتهم في المفاوضات، ولكن تركيا تعارض ذلك بشدة. وتجاوز هذا الاعتراض يقع على عاتق واشنطن ولكنها حتى حينه لم تحرك ساكنا.
ويضيف زوتوف: الجميع يعربون عن دعمهم للتسوية السلمية ومحاربة الإرهاب، ولكن الاستعداد عمليا لمثل هذه المعركة وإخراج سوريا من هذه الأزمة الدموية أمر غير مرئي. لذلك ليس غريبا أن يعلن دي ميستورا أنه "خلال الساعات الثماني والأربعين الأخيرة يُقتل في كل 25 دقيقة منها مواطن سوري"، وأن البلاد دمرت والقوى استنفدت. وطبعا، فإن موقف العديد من البلدان وخاصة الإقليمية مشكوك فيه في مسألة مساعدة سوريا في تجاوز الأزمة وحربها ضد الراديكاليين.
وكما هو معلوم، كانت المعارضة تخطط في بداية الأمر لتدمير كل شيء ثم بناء عالم جديد فيما بعد. أي إطاحة النظام ومؤسساته جميعا، كما حصل في العراق وليبيا. ولكنها أدركت أن هذا غباء، وأن مؤسسات الدولة ضرورية ولا يمكن تدمير الدولة بهذه البساطة. كان هذا ما تتمناه إسرائيل طبعا، التي أعلنت أنها لن تتنازل عن مرتفعات الجولان المحتلة أبدا. أي إن لكل طرف مصالحه الخاصة.
تركيا في هذه الظروف تتذكر أيام الإمبراطورية العثمانية التي كانت سوريا والعراق جزءا منها. لذلك ترغب في الاستيلاء على أجزاء منها. والمعارضة التي لم يزل لديها شيء من الوطنية تدرك جيدا أنه يجب المحافظة على الدولة ومؤسساتها.