منذ 2015 وردت الولايات المتحدة 3 آلاف طن من الأسلحة والمعدات لمجموعات مسلحة في سوريا تابعة للفرع السوري من تنظيم "القاعدة"، وفقا لمؤسسة بريطانية للأبحاث العسكرية.
في 21 من هذا الشهر أعلن الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ رسميا أن روسيا تحافظ على "وجود عسكري ملحوظ" في سوريا، على الرغم من سحبها لجزء من قواتها من هذا البلد.
منذ البداية كانت واشنطن تعلم أن عليها أن تواجه وضعا عملياتيا جديدا يحدده التدخل العسكري الروسي في سوريا. مع ذلك فقد جاءت أقوال ستولتنبرغ بعد سلسلة من تصريحات شديدة اللهجة عن "عدوانية" الروس والتهديد المحدق بأوروبا من القدرات النووية الروسية، وذلك بعد وضع الاتفاق الأمريكي الروسي بشأن التسوية في سوريا موضع الشك. هذا ومنذ البداية أيضا لم تظهر المبادرة الدبلوماسية في جنيف جادة، إذ أن المقدمات الضرورية لتحقيق هذه المبادرة لم تجتمع في نهاية المطاف.
أن بنود المبادرة المذكورة بقيت حبرا على ورق، باستثناء قبول وقف إطلاق النار في 27 من فبراير/شباط الماضي. من جهة، لم تقدم الأردن قائمتها من التنظيمات الإرهابية التي كانت مكلفة بوضعها. كما تم إحباط مشروع اتفاق بين الدول الإقليمية بشأن تشكيل وفد يمثل جميع القوى المعارضة، بما فيها الأكراد، وقد أصبح هذا المشروع طي النسيان استجابة لإرادة العربية السعودية.
هناك أدلة كثيرة مقلقة تشير إلى أن "حرب الاستنزاف" الجارية في سوريا وراء الأقاويل حول الهدنة، تهدف إلى قلب موازين القوى على الأرض من أجل تغيير شروط المعادلة السياسية فيما بعد.
أولا، طلبت واشنطن من موسكو عدم استهداف "جبهة النصرة" أثناء الغارات الروسية في سوريا، بهدف حماية تنظيمات مثل "أحرار الشام" أو "الجيش السوري الحر" اللذين يبقيان على صلة وثيقة جدا بالفرع السوري من "القاعدة" واللذين يتمتعان بقدرات عسكرية جدية في سوريا، السياق الذي أتاح لـ"النصرة" خوض عمليات هجومية على أكثر من جبهة في آن واحد في أرياف حلب وحماة واللاذقية.
ثانيا، قامت الولايات المتحدة، منذ أواخر عام 2015 بتوريد 3 آلاف طن من الأسلحة والذخائر لمجموعات تعمل تحت "مظلة" تنظيم "القاعدة"، أو تعلن انتماءها له. تلك هي معلومات وفرتها وكالة Jane's الإخبارية العسكرية البريطانية. ووفقا لمعلومات حصلت عليها صحيفة L'Orient Le Jour، من مصدر قريب من هذا الملف، فإن عملية التوريد هذه تمت دفعتين، حيث غادرت الناقلة الأولى بلغاريا في 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي باتجاه سواحل الأردن، وعلى متنها 81 حاوية تضم 994 طنا من الأسلحة: بنادق كلاشنكوف، مدافع ثقيلة من مختلف الأنواع، صواريخ مضادة للدبابات، وغير ذلك.
أما الناقلة الثانية فبلغت شواطئ الأردن في 4 أبريل/نيسان، وعلى متنها 2007 أطنان من الأسلحة، من بينها 162 طنا من المتفجرات.
وجرت كلتا العمليتان تحت إشراف واشنطن عبر شركات "وساطة" تعمل في بلغاريا ورومانيا، وتزامنتا مع الانسحاب الجزئي الروسي من سوريا و استئناف المعارك في حلب.
وقد اتضح خلال السنوات الثلاث الأخيرة أن جزءا كبيرا من العتاد والأسلحة التي أرسلتها واشنطن إلى ما يسمى بالمجموعات "المعتدلة" وقع في أيدي "جبهة النصرة".
يشار إلى أن المركز الأمريكي لدراسة العمليات العسكرية أقر بوجود تنسيق جيد بين "النصرة" و"أحرار الشام" والمجموعات "المعتدلة" في قطع خطط إمداد القوات الحكومية السورية أثناء معارك في منطقة جسر الشغور شمال سوريا.