في خطوة هي الأولى من نوعها في ألمانيا، أعلن الائتلاف الحكومي يوم الخميس الماضي عن سلسلة تدابير قانونية جديدة لدمج اللاجئين.
وأقر الائتلاف الألماني الحاكم، المؤلف من "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" (CDU) و"الحزب الاشتراكي الديمقراطي" (SPD)، هذه التدابير التي تشترط على المهاجرين واللاجئين الاندماج في المجتمع مقابل السماح لهم بالعيش والعمل في البلاد.
وتتضمن التدابير الجديدة حق الحكومة في تحديد أمكنة الإقامة لطالبي اللجوء المعترف بهم على هذا النحو، من أجل توزيعهم بشكل أفضل في أرجاء البلاد، وقطع الطريق على إقامة أحياء جديدة خاصة بهم، على غرار "الغيتوات" التي أقامها اللاجئون السابقون من الجنسيات الأُخرى.
ويؤكد نص مشروع القانون أن "الأشخاص المعنيين سيتعرضون لعواقب في حال مخالفتهم التعليمات"، مثل عدم منح حق "الإقامة الدائمة" للاجئين الذين لا يبذلون جهداً كافياً للاندماج، وخصوصاً تعلم اللغة الألمانية، الذي أصبح شرطاً أساسياً من أجل الحصول على "الإقامة المؤقتة".
وتتضمن الإجراءات الجديدة أيضاً قسماً مخصصاً لتسهيل توظيف اللاجئين لمدة 3 سنوات؛ حيث سيتم توفير مئة ألف وظيفة لطالبي اللجوء، من فئة اليورو الواحد لكل ساعة عمل؛ على أن يُستبعد منها "المهاجرون لأسباب اقتصادية" من البلدان المصنفة بلدانا آمنة مثل دول البلقان، أو دول شمال أفريقيا مثل الجزائر والمغرب وتونس التي سيصوت النواب الألمان على تصنيفها ضمن البلدان الآمنة.
فقبل هذا القانون، لم يكن بإمكان طالبي اللجوء أو من في حكمهم ممارسة وظيفة إلا في حال عدم وجود مواطن ألماني يمارسها أو أحد مواطني دول الاتحاد الأوروبي.
ومن بين التدابير أيضاً، موافقة الائتلاف الحكومي على خطوات جديدة لمكافحة الإرهاب، تتضمن السماح للشرطة الاتحادية باستخدام عملاء سريين لمنع الاعتداءات، وتعزيز التعاون مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية؛ وهذا يعني أن الإسلامويين المتطرفين المندسين بين اللاجئين تنتظرهم أوقات صعبة في ألمانيا.
وفي وقت سابق، شددت السلطات الألمانية، في المطارات ومحطات القطار وعلى حدود البلاد مع بلجيكا وفرنسا وهولندا ولوكسمبورغ، الإجراءات الأمنية بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له بروكسل وقبلها باريس.
وأشادت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، محاطة بشركائها المحافظين والاشتراكيين الديمقراطيين خلال مؤتمر صحافي، بالتدابير الجديدة، ووصفتها بأنها "الأولى في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية". وحذرت ميركل من أن "من يتوقف عن التدريب (المهني) سيفقد إقامته، وبالتالي حق البقاء في ألمانيا".
من جهته قال سيغمار غابرييل، نائب المستشارة وزير الاقتصاد من الـSPD، إن هذه القرارات التي تم التوصل إليها بعد سبع ساعات من المفاوضات هي "خطوة تاريخية" للتعامل مع "تغيير عميق في المجتمع".
وجاءت هذه الخطوة التي وُصفت بـ"التاريخية" لدولة ترددت طويلاً في تحديد نفسها كأرض للهجرة، خلال قمة عقدها التحالف الحكومي في برلين، وبعد شهر من انتخابات مجالس الولايات الأخيرة التي أسفرت عن تقدم كبير لحزب "البديل من أجل المانيا" (AfD)، المعارض لسياسة الباب المفتوح للاجئين، والذي أعلن نفسه ثالث أقوى حزب في ألماني؛ الأمر الذي يُهدد مستقبل الائتلاف الحكومي وقدرته على الاستمرار في التمسك بمقاليد الحكم.
ولم تقتصر الانتقادات على المعارضة فقط، فالمستشارة الاتحادية تعرضت لهجوم شرس من داخل ائتلافها الحكومي، وكذلك من الرأي العام الألماني، لسماحها لأكثر من مليون مهاجر غير شرعي بالدخول إلى البلاد في عام 2015.
بيد أن أعداد المهاجرين تراجعت في الأسابيع الأخيرة؛ حيث بدأت دول البلقان بتشديد الرقابة على حدودها. كما جاء اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا بهدف وضع حد للموجات البشرية التي كانت تجتاح أوروبا من دول الشرق الأوسط وإفريقيا.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الألمانية أعلنت أن عدد اللاجئين، الذين رُفضت طلبات لجوئهم، وبالتالي سيتم ترحيلهم، ارتفع بنسبة 60% في العام الماضي 2015، مقارنة بعام 2014، إذ أظهرت إحصائيات كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير أن وتيرة الترحيل تتسارع. وأُعيد نحو 22369 شخصاً عنوة إلى بلدانهم في عام 2015، مقارنةً بـ 13851 في عام 2014.