الرئيس الألماني يحث على اتخاذ إجراءات فورية لدمج اللاجئين
دعا الرئيس الألماني يواخيم غاوك الخميس حكومة بلاده إلى دمج اللاجئين فور وصولهم إلى البلاد لتلافي خطر التطرف السياسي والديني.
يأتي ذلك بعد أن تعالت في الآونة الأخيرة في ألمانيا أصوات، تنادي بضرورة إعادة النظر في سياسات حكومة المستشارة أنغيلا ميركل إزاء اللاجئين، الذين تجاوز عددهم مليون شخص، دخل معظمهم بطرق غير شرعية إلى الأراضي الألمانية.
غاوك قال، خلال كلمة افتتح بها مجموعة عمل خاصة بدمج اللاجئين في قصر الرئاسة الألماني، إن عدم اتخاذ هذه الخطوة سيؤدي إلى مواجهة "خطر تحول الإحباط والملل إلى عنف وجريمة وانتعاش التطرف السياسي والديني."
وأضاف الرئيس الألماني أن تجربة القادمين من البلدان الأخرى أثبتت أن تعلم الوافدين الجدد اللغة الألمانية، وإيجاد عمل لهم في أقرب فرصة سيكون أفضل للجميع.
وختم غاوك كلمته مهاجما الأحزاب، التي تعارض استقبال اللاجئين؛ مؤكدا أن ألمانيا دولة متعددة الثقافات والأديان، وأن الذين يستغلون وجود هذه النسبة الكبيرة من المسلمين بين القادمين الجدد، ويحرضون عليهم المواطنين من أجل كسب أصوات المعادين للإسلام، هم أعداء لألمانيا والإنسانية. ودعا غاوك الحكومة لوضع حد لتلك الأصوات المحرضة، على حسب تعبيره.
وقد كان من الطبيعي أن يولّد التدفق الجماعي للاجئين إلى أي منطقة أخرى التوتر الاجتماعي والضغط الاقتصادي. فمن جهة يشعر القادمون بالغربة في البلد الجديد، ويخشون من فقدان هويتهم وأسلوب حياتهم؛ ومن جهة أخرى ينتاب القلق السكان المحليين من التغيرات، التي تطرأ على بيئتهم المألوفة إثر تدفق هذا العدد الكبير من اللاجئين من أصحاب الثقافات الأخرى.
وعلى الرغم من عدم تمتع الرئيس غاوك بسلطات تنفيذية حقيقية، فإن كلامه يتمتع بقيمة رمزية كبيرة في الوسط السياسي للبلاد. وقد تميز غاوك في الآونة الأخيرة بأنه شخصية دبلوماسية يجيد اختيار الكلمات وتقديم النقد البنَّاء بشأن ملف اللاجئين.
لذلك يحرص على أن يكون نقده موجها لكل الأطراف.
فهو مثلا يقول إن على الحكومة أن تكون صارمة بشأن احترام اللاجئين لقيم المساواة وحرية المعتقد في ألمانيا؛ وفي المقابل، على الشعب الألماني احترام خيارات ومعتقدات اللاجئين. وبالتالي، لا فرق بين لاجئ لا يؤمن بالمساواة بين الجنسين، وبين ألماني لا يقبل أن تخدمه امرأة محجبة في المطعم.
من جهتها، طالبت عمدة مدينة كولونيا هنرييت ريكر بمناقشة مشكلة الاندماج بصراحة ومن دون تكتم من أجل التغلب عليها. وقالت إن الكثيرين أعربوا بعد حدوث التحرشات الجنسية، في ليلة رأس السنة في كولونيا، عن مخاوفهم من وجود 12.500 لاجئ في المدينة، لكن "مدينة المليون شخص لن تركع على ركبتيها" بحسب ريكر.
وفي ضوء ذلك، فإن عملية الاندماج هي التحدي الأكبر، التي تواجهها الحكومة الألمانية واللاجئون على حد سواء. وفي حين أن الحكومة تؤمن بأن تعلم اللغة وإيجاد العمل هما أفضل وسيلة للاندماج، فإن النقاد يشككون في نجاعة برامج الاندماج، خاصةً مع وجود اختلافات ثقافية ودينية كبيرة، تصل أحياناً إلى حد التناقض.
لكن ألمانيا على أي حال لا تزال تتحمل العبء الأكبر في أسوأ أزمة لاجئين تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.