لافروف: الخطوات التركية تشبه الهجمة الزاحفة على سوريا
كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأحد 13 مارس/آذار عن تأييد دمشق أي تنسيق يتم بمشاركة روسيا لمكافحة الإرهاب في سوريا لثقتها بأنه لن ينتهك السيادة السورية.
أدلى وزير الخارجية سيرغي لافروف الأحد 13 مارس/آذار بحديث لقناة "رين تي في" الروسية تناول فيه آخر المستجدات الدولية والأزمة السورية اخترنا مقتطفات منه.
وفي معرض التعليق عن الخطوات التركية وخطط أنقرة لتشييد "مدينة" كاملة للاجئين السوريين على الجانب السوري من الحدود، جدد التأكيد على رفض موسكو التام لأي خطوات على الأراضي السورية بمعزل عن موافقة الحكومة في دمشق.
وأعاد إلى الأذهان في هذه المناسبة أن روسيا الاتحادية، هي البلد الوحيد الذي تعمل قواته الجوية الفضائية في السماء السورية بموجب دعوة رسمية من السلطات الشرعية في دمشق، فيما جميع الدول الأخرى بما فيها الأعضاء في تحالف واشنطن تنشط هناك بلا أي أساس شرعي وبمعزل عن أي قرار عن مجلس الأمن الدولي، أو دعوة مباشرة من الحكومة الشرعية في سوريا.
وأضاف: بعد أن رتبنا الاتصالات عبر واشنطن مع دول التحالف الذي تقوده بما يستثني الحوادث العرضية والمتعمدة في الأجواء السورية، وبعد أن اتفقنا مؤخرا على تنسيق المسائل المتعلقة بترسيخ الهدنة في سوريا وإرسال المساعدات الانسانية لمحتاجيها هناك، أعربت الحكومة السورية عن تبنيها هذه الصيغة من التعاون وأكدت أنه ما دام التنسيق يتم بمشاركة روسيا، فإن ذلك لا ينتقص من السيادة السورية.
وفي صدد الدور التركي، وما يشاع عن نشاطات أنقرة على الحدود الشمالية لسوريا، اعتبر الوزير الروسي أن الخطوات التركية تشبه "الهجمة الزاحفة" على سوريا، حيث كان الأتراك قد صرحوا علانية بأنهم لن يسمحوا باستقرار الأكراد الذين يقاتلون "داعش" شمال سوريا، حتى ولو كان الثمن النصر على "داعش"، فالأمر الأهم بالنسبة إليهم منع اتحاد الأكراد على الأراضي السورية، في وقت قد تبدو فيه هذه القضية سورية لا تركية.
وتابع يقول: استنادا إلى ذلك حصرا، نرى ضرورة أن تشمل مفاوضات جنيف الأكراد، وذلك إذا ما كنا صادقين في تأكيداتنا على تمسكنا بسيادة سوريا ووحدة أراضيها. كيف يمكن التعويل على بقاء الأكراد في قوام الدولة السورية إذا ما تم "رميهم" إلى خارج المفاوضات؟ وعليه، وانطلاقا من تمسكنا بهذا الموقف إلى جانب باقي الدول باستثناء تركيا، سوف نطالب بحزم بألا تنحني الأمم المتحدة أمام التحذيرات، وأن تدعو الأكراد إلى الحضور منذ البداية الأولى للمفاوضات.
واستطرد قائلا: تركيا صارت تطالب بحق "سيادي" لها باستحداث مناطق عازلة في الأراضي السورية، وتشير المعلومات المتوفرة لدينا إلى أن الأتراك صاروا يتخندقون على مئات الأمتار في العمق السوري من الحدود.
وبالوقوف على نشاطات التنظيمات الإرهابية في سوريا، واحتمال تسرب عناصر "داعش" وسواهم إلى دول الجوار السوري، لفت لافروف النظر إلى أن هؤلاء صاروا يتسربون إلى هناك منذ مدة، وأشار إلى أن "داعش" قد "وطد" وجوده في ليبيا، واليمن الذي تهدأ الحرب فيه وتنشب من جديد بين هدنة ومفاوضات وخلافات، فيما يتم تجاهل الإرهابيين بمن فيهم عناصر "داعش" بل تناسيهم، ليكون الإرهابيون المستفيد الأول هناك.
وتابع: ففيما يستمر تحالف السعودية في قتال الحوثيين، يدأب الإرهابيون على جني ثمار هذه المواجهات. الإرهابيون يستولون في اليمن في هذه الأثناء على المناطق التي لا تحظى بالاهتمام المطلوب إن كان من الحكومة أم من المعارضة اليمنيين. "داعش" يمد جذوره في أفغانستان كذلك، ويسعى في شمال هذا البلد إلى الاتفاق مع "طالبان" أو استمالة أطراف من هذا التنظيم على حساب أخرى.
أما في العراق، فإن تفشي "داعش" حسب لافروف، يندرج في إطار خطة إعلان "الخلافة في سوريا والعراق"، ففي العراق عاصمة التنظيم صارت الموصول، وفي سوريا عاصمته أصبحت الرقة.
وأعرب لافروف في هذه المناسبة عن استعداد روسيا التام للتعاون مع الولايات المتحدة في ما يتعلق بالقضاء على "داعش" في الرقة نظرا لنشاط تحالف واشنطن الملحوظ فوقها.
وأضاف: لقد اقترح علينا الأمريكان "تقاسم العمل" في سوريا، على أن تعكف القوات الجوية الروسية على تحرير تدمر، وتدأب طائرات تحالف واشنطن على تحرير الرقة بدعم منا.
هذا الاقتراح يشير إلى بلوغ الجانب الأمريكي حدا من إدراك القضية، حيث صارت واشنطن تعي ضرورة تنسيق الجهود في مكافحة الإرهاب، وتلمس أهمية ألا يقتصر التعاون على تنسيق تحليق طائراتنا وتفادي الحوادث العرضية في الجو.
وفي التعليق على الموقف الأمريكي عموما حيال التعاون مع روسيا في مكافحة الإرهاب في سوريا، اعتبر لافروف أن موقف واشنطن، موقف "قاصر"، أي غير بالغ، حيث تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية على استمرار التعاون مع موسكو فيما تصدر تصريحات عن المسؤولين العسكريين الأمريكيين تنفي ذلك، لتعود الخارجية الأمريكية وتسوغ الأمر بحساسيته، وبضرورة "التوضيح للجميع" كي لا ينزعجوا من التعاون مع روسيا.
وعرج لافروف في المقابلة على طبيعة تعامل الولايات المتحدة مع بلدان الشرق الأوسط، وكيف تتدخل في شؤونها، معيدا إلى الأذهان "خيانتها" الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك.
وختم بالقول: الرئيس السوري بشار الأسد كان طيلة السنوات الأولى على رئاسته أفضل الأصدقاء بالنسبة إلى العواصم الأوروبية، فيما المثل يقول إن "الصديق يعرف وقت الضيق"، والناس في الشرق الأوسط صاروا يدركون بكل وضوح كيف يتعاملون معهم!