افتراءات مبرمجة وتلفيقات مفبركة تتعمد اشاعتها وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة المأجورة التابعة لآل سعود ومن يدور مدارهم. هذه الحملات الاعلامية المعروفة التوجه لا تكلّ ولا تملّ في كل مناسبة لتوجيه التهم الباطلة من دون الاستناد لدليل ولا لبرهان. وان استندت، فتفبرك أدلّة مزيفة وكاذبة تحصد الخيبة من جمعها. وجديدها هذه المرّة اتهام الجيش السوري "بتجويع المدنيين في مضايا بسبب الحصار"، في حين أعلن مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في بيان تلقيه موافقة من الحكومة السورية لادخال المساعدات الانسانية في أقرب وقت الى ثلاث بلدات سورية بينها مضايا المحاصرة في ريف دمشق، فيما قال الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا بافيو كشيسيك "لا يمكننا تأكيد ما إذا كان هنالك مجاعة حقيقية في مضايا يجب دخولنا أولاً إلى البلدات المحاصرة للوقوف على حالة الواقع".
مجاعة مضايا تحت مجهر الحقيقة
اتهام يقع ضمن حملة مبرمجة، بينما لم نشهد مثل هذه الحملة في بلدات سورية أخرى محاصرة منذ سنوات من قبل الجماعات المسلحة الارهابية مثل كفريا والفوعة في ريف ادلب ونبل والزهراء في ريف حلب ودير الزور ومناطق أخرى حيث يقتل فيها الاطفال الرضع بسبب النقص بالحليب والمواد الاولية وانتشار الامراض بسبب انعدام وجود المواد الطبية.
في الواقع لا يتحمل مسؤولية ما يجري في بلدة مضايا سوى الجماعات الارهابية المسلحة التي تتخذ من البلدة رهينة لها ولداعمي المسلحين من جهات خارجية. وبالأدلة والبراهين المنطقية وبلغة الارقام سنثبت ذلك، لأننا أصحاب الدليل أينما مال نميل، ولسنا كما أصحاب الحملات الاعلامية الكاذبة الذين يوظفون أقلامهم في سبيل تحوير الحقيقة واثبات الخيال، ظناً منهم أن هناك من سيصدق. عبثاً تظنون فإن الوعي البشري لم يعد يمر على هكذا فبركات مرور الكرام، وان الذاكرة الانسانية تحفظ بوضوح ان رأت صورة طفل يموت جوعاً في مكان ما أن الصورة تعود للغوطة أو دير الزور في سوريا وليست في مضايا. وهذا ما أكده الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا بقوله إن "الصور التي بُثت في وسائل الإعلام عن موضوع حدوث مجاعة غير مؤكدة من طرفنا، كما جرى إخلاء من كانوا يعانون من حالات طبية حرجة في مضايا والفوعة وكفريا، مشيراً إلى أن المواد الغذائية دخلت مضايا قبل شهرين، كما أكد "أنه خلال الأيام المقبلة سنحاول الوصول إلى البلدات المحاصرة وإدخال المساعدات لها".
اذاً، ما حقيقة ما يحصل في مضايا؟ فهل يموت أهلها من الجوع بسبب الحصار كما يدّعون؟ سنعرض عدداً من النقاط تدحض ادعاءاتهم وفبركاتهم:
أولاً: تم إدخال عشرات الشاحنات محملة بالمواد الغذائية والطبية في 18 تشرين الأول/اكتوبر 2015 إلى مضايا وسرغايا وبقين والتي تكفي لأشهر عدة بالتزامن مع إدخال نفس الكمية الى كفريا والفوعة. ومن المقرر بحسب اتفاق "الزبداني كفريا والفوعة" ان تدخل مساعدات غذائية في الايام القليلة المقبلة بعدما تمّ تنفيذ بند اخراج الجرحى المسلحين من الزبداني.
ثانياً: تتحكم في بلدة مضايا مجموعات مسلحة حيث يبلغ عدد المسلحين أكثر من 600 مسلح يتوزعون 60 في المئة من "حركة أحرار الشام" و 30 في المئة من "جبهة النصرة" و10 في المئة من "الجيش الحر". وباتت تعتبر البلدة رهينة للجماعات المسلحة منذ أشهر عندما اشتدت المعركة في الزبداني وبعد أن قاموا بعمليات ذبح عدة ضد حواجز الجيش السوري عند مدخل مضايا.
ثالثاً: تتحكم قادة الجماعات المسلحة بالمساعدات الغذائية التي توزع وتوضع في مستودعات تابعة لهم في وسط البلدة ويتم ابتزاز السكان فيها وبيعها للمدنيين لمن يستطيع شراءها.
رابعاً: لم تدخل مضايا في الصراع والحصار فعلياً إلاّ عند اشتداد المعركة في مدينة الزبداني المجاورة حيث استخدم المسلحون مضايا مركزاً لشن العمليات ضد الجيش السوري في الزبداني بهدف تغيير مسار المعركة.
خامساً: تستخدم الجماعات المسلحة الإرهابية السكان الذين لا يتجاوز عددهم عن 23 ألف نسمة كدروع بشرية وورقة سياسية يستغلونها الآن في حملة إعلامية كاذبة مثيلة بسابقاتها في مناطق أخرى ولا يوجد حتى الآن حالات وفاة كما تدعي وسائل الإعلام وبعض الجهات التابعة للمسلحين الذين يتحملون ما يجري في مضايا.
سادساً: هناك محاولات عدّة من قبل عدد كبير من السكان للخروج من مضايا غير أن قادة الجماعات المسلحة ترفض ذلك.
سابعاً: هناك مفاوضات لتسليم 300 مسلح أنفسهم إلى السلطات والخروج من مضايا مقابل رفض مسلحين آخرين للموضوع بسبب قرار سياسي خارجي.
ثامناً: عند تطبيق اتفاق الزبداني توقف موكب خروج جرحى المسلحين من الزبداني بسبب تهديد المسلحين في مضايا بالتعرض لهم وقصف الحافلات لرفضهم الاتفاق.
تاسعاً وأخيراً باتت هذه الحملات معروفة الأهداف ومن خلفها بهدف تشويه صورة الجيش السوري واستغلال المدنيين في ورقة سياسية خاسرة.
ما عرضناه أعلاه يوضح حقيقة ما يجري في مضايا، وليسكت كل من يريد تضييع الحقيقة وتمييع القضية.